في العام 2008، نشر عالم الاجتماع الصهيوني نيسيم مزراحي ورقة بحثية حول طرق بناء الثقة بين الصهيوني والعربي، كانت الورقة تلخيصاً لعمل فريق بحثي من جامعة تل أبيب لدراسة العلاقة ما بين أصحاب المصانع الصهاينة والعمال الأردنيين في المصانع الصهيونية في الأردن.

حوّل الصهاينة المصانع الصهيونية في الاْردن إلى مختبرٍ نفسيٍّ لدراسة العربي وآليات كسب ثقته (كسر عدائيته). كل ذلك بهدف تقديم المشورة لعمليات تطبيع أكثر كفاءةً وعمقاً، والانتقال من علاقات عمل إلى علاقات صداقة. اكتسب البحث أهمية مضاعفة عند الصهاينة لكونه أنجز في “حالة التوتر السياسي” التي سادت خلال الانتفاضة الثانية. وخلُصت الورقة البحثية إلى ضرورة أن يتخلى الصهيوني عن عقليته الغربية القائمة على الفصل ما بين علاقات العمل والعلاقات الشخصية، وذلك بهدف بناء ثقة وصداقة حميمة مع العربي الأردني المدّجن.

في ظهيرة الأحد، وفِي مجمع السفارة الصهيونية في عمان، استدعى مسؤول الأمن في السفارة الصهيونية، الشهيد محمد زكريا الجواودة (17 عاماً) من بلدة الدوايمة، لتركيب غرفة نوم في شقته. قام الشهيد بالهجوم على الصهيوني باستخدام مفك، ليرتقي الجووادة شهيداً بالرصاص الصهيوني في وسط عاصمته عمان، التي تعصم كل الغرباء وتهدر دم أبنائها.

على الأغلب، كان الضابط الصهيوني مطمئناً بأن الجواودة “محل ثقة” ولا يشكل خطراَ محتملاَ، حتّى ولو أنٰ الهجمة الصهيونية على المسجد الأقصى في أوجها. لا تعني “ثقة” الصهيوني بالأردني في هذه الظروف، واعتبار أن لا شيء مهم فيما يجري يستدعي تأجيل “العمل” المتفق عليه، سوى أنّ الصهيوني لا يرى في الأردن إلا مجتمعاً من العبيد الخانعين الذين يقدمون القهوة العربية للسيد الصهيوني بابتسامة ذليلة.

أشهر الشهيد محمد الجواودة مفكه، وكما العديد من شهداء الهبة الشعبية في فلسطين الذين لم يجدوا سلاحاً إلا المفك، واختار أن يكون حراَ، ورفض أن يكون عبداً لصهيوني “يرتب له السرير” والأقصى تحت النار.

(تُصر الراوية الرسمية الأردنية على أنّ ما حدث داخل السفارة الصهيونية، لا يعدو كونه “خلافا شخصيا” بين الضابط الصهيوني والشهيد محمد الجواودة، وأما روايات شهود العيان، فقد أشارت في إلى أنّ الشهيد محمد الجواودة قام بالهجوم على الضابط بمفك مع وصف تفصيلي للحادثة، وهذه الرواية هي الأكثر قبولاً في الأوساط الشعبية الأردنية).