يُعرف وقت الدبس برطوبة الصباحات التي تبدأ منتصف آب، وتستمرّ حتى أواخر أيلول، فتصطدم بوجهك، وتُشعل فيك الحنين لما مضى. في هذا الوقت من السنة، يصل العنب حدّه الأخير في الحلاوة، التي لا تتحمّلها الأفواه، ويصبح ناضجاً بما فيه الكفاية وغنيّاً بعصيره ليُصبح دبساً.

يُعرف وقت الدبس برطوبة الصباحات التي تبدأ منتصف آب، ويستمرّ حتى أواخر أيلول، فتصطدم بوجهك، وتُشعل فيك الحنين لما مضى. في هذا الوقت من السنة، يصل العنب حدّه الأخير في الحلاوة، التي لا تتحمّلها الأفواه، ويصبح ناضجاً بما فيه الكفاية وغنيّاً بعصيره ليُصبح دبساً.

يُقطف العنب في صناديق تُرتّب بعضها فوق الأخرى، تُحمل من الكرم على مقربةٍ من دارنا (500 متر تقريباً) إمّا عبر سلسلةٍ بشريةٍ منّا، يحملُ كلٌّ صندوقاً بيديه، أو مجموعاتٍ يُؤتى بها ذهاباً وإياباً باستخدام “عربية” البناء.

قُبيل المغرب، على الأغلب، تُفرّغ حمولة الصناديق المملوءة بالعنب في أكياس الطحين الفارغة، أو أي أكياسٍ ذات مساماتٍ يمكن للعصير أن ينسلّ من خلالها، ثمّ توضع حفنةٌ من تراب الحِوّر الأبيض داخل كلّ كيسٍ قبل إغلاقها وتهيئتها للعصر. طالما أثار هذا الحِوّر دهشتي، من قُبيل الفضول في معرفة السبب الذي يدعونا لخلط طعامنا بالتراب. جلا أبي فضولي يوماً ما وهو يُذكي فأسه ومجرفته على ناحيةٍ من نواحي جبلنا الكبير مستخرجاً الحِوّر، “لأنه يساعد في “ترويق” عصير العنب يابا”، وترويق عصير العنب أي جعله صافياً؛ إذ يسحب الحوّر كل الشوائب معه إلى قاع الدِّست. وعلى الناحية الأخرى للدهشة، أذكت الفكرة، وما تزال، مشاعري الغريبة تجاه التراب.

وعن اختيار توقيت المساء في عصر العنب؛ حيث برودة الليل التي تحمي العصير من التلف أو الحموضة، ليوضع على ناره فجر اليوم الثاني مباشرةً. والتوقيت وفرقُه بين المرحلتين مهمّ جداً؛ إذ يمكنُ خلاله أن يستحيل خمراً.

وياما صبّ لنا أبي من هذا العصير أوّل ليالي العودة إلى المدرسة حين كان السهاد يجافي أعيننا، وكنّا تعوّدنا السهر أيام العطلة، “اشربوا يابا، هذا العصير بنيّم”، كما أكلنا الكثير من قطوف العنب لنفس الغرض.

عند فجر اليوم الثاني، يوضعُ عصير العنب في الدست، وهو وعاء طبخٍ كبيرٍ جداً، ويُطهى على الحطب، تُزال فورته باستمرارٍ، ويكون عند اقتراب نضوجه سريع الفوران لا يجبُ تركُه، نتناوب دائماً على مراقبته.

بعد نضوجه، يُترَكُ ليبرد ويَصفى، ثمّ يُنقَلُ إلى أوعيةٍ أصغر، ولكن هذه المرة ماراً عبر منديلٍ لتصفيته تماماً من كلّ ما لم يستطع الحوّر سحبه إلى قاع الدست، ولاحقاً لتتمّ تعبئته في عبواته الخاصة.

فيما يُعرَف أفضل الدبس بأبيض عنبه؛ فيكون لونه جذّاباً فيه شيءٌ من الشقرة، صفاء عصيره “روقانه” أسرع، بينما يكون دبس العنب السُّمراني داكناً، ولكنه أكثرُ فائدةً وألذّ طعماً، وقد يُخلط ما بين الاثنين، لكسب الطعم واللون. من الجدير ذكره أن داليات السُّمراني تستأثر أيضاً بلذيذ طبخة ورق العنب.

أما العنب الحلواني، ذو الحبّة القرمزية، فلا يُصنع الدبس منه؛ حلاوته القليلة لا تناسب الدبس، وعصيره شحيحٌ. فيما قد يصلُح لذلك العنب الشامي المائل لونه إلى الزرقة، شرط خلطه بأنواع العنب القابلة للاستحالة دبساً.

لا بدّ أن يصل العنبُ مرحلةً جيّدةً من الحلاوة، ليكون أغنى عصيراً، وأسرع في صفائه ونضوجه، أمّا إن لم تزل فيه حموضة، فإنه يحتاجُ جهداً كبيراً لترويقه ويكون نضوجه صعباً، قد يحتاج إضافاتٍ من السكر للمساعدة في ذلك.

المدعس

في الدرج الحجري القديم النازل من الأرض حيث شجرة الجوز، الواصل إلى أرض التينتين “الشحاميّات” كان المَدْعس، عبارةٌ عن صبّةٍ طينيّةٍ على شكل مربّعٍ غير حادّ الزوايا، له حوافٌّ عاليةٌ من كل الأطراف، وفي أحد أطرافه ثقبٌ دائريٌّ مثبّتةٌ به ماسورة قصيرة بطول 25 سم تقريباً، تحت هذا الثقب، تُحفَرُ حفرةٌ في التراب بحجم الوعاء الذي سيوضع فيها ليستقبل عصير العنب القادم من المدعس باتجاه الماسورة.

وفي الحديث عن مداعس العنب الحجرية الأثرية، كانت تتكوّن من حوضٍ للدعس، متّصلٍ عبر أنبوبٍ منحوتٍ في الصخر نفسه بحوضٍ آخر يسمّى جرن، جمعها أجران، تكون على مستوى أكثر انخفاضاً من مستوى حوض الدعس، ومنها ما يكون على شكل حفرةٍ في الصخر أسفل الحوض، وكذلك كانت معظم معاصر الخمر الأثرية، كمعصرة كنيسة عناب في قرية عناب الكبير في الظاهرية.

طقسٌ اجتماعيٌّ

كانت كلّ عائلات الحارة تجتمع تحت التينتين بجوار المدعس، من شقشقة الضوء صباحاً حتى ساعاتٍ متأخرةٍ من الليل، نحن ودار عمي فرداً فرداً، والجيران مثل عائلتي العم أبو فراس والعم أبو محمود الذين يصنعون دبسهم، ليتسنّى لكلٍّ منهم الاطمئنان بأنّ دبسه الألذّ.

“جيبوا صحن يمّا”، بعد الانتهاء من طهيه، يأخذون قليلاً من الدبس على طرف ملعقة، ثمّ يُمسك الصحن بشيءٍ من الإمالة، وكذلك الملعقة، ويحرّكها لأعلى ليتفقّد قوام الدبس وسرعة سيلانه إلى الصحن، “لا والله يا أبو علي، بده تجميد كمان خليه كمان نص ساعة”، وللتأكد أكثر، يميّلُ الصحن، بحيث تقاس سرعة انسيابه على سطح الصحن الأملس.

وننتظر انتهاء تقييمهم للدبس بفارغ الصبر، ونأتي من كلِّ صوبٍ كي نستلّ شيئاً من هذا الدبس بأصابعنا الصغيرة، وهي كأوّل القطاف تطيل الأعمار؛ بطعمة الدبس الساخن اللذيذة، التي تحسّ فيها بطعم الحطب.

في التقييم، يُعتدّ أيضاً بكمية السكر المضافة، فكلّما كانت الكمية المضافة أقلّ كان ذلك أفضل، فيما يُباهي بعضهم الآخر متفاخراً أنّ دبسه يقضى برد الشتاء كلّه دون أن يرمّل، أي يجمد أو تظهر فيه حبيبات السكر. وفي المعادلة بين الاثنين، تقوم نظرية أبي على إضافة كميةٍ صغيرةٍ جداً من السكر على كلّ الدست، بحيث لا تؤثّر على الحلاوة العامة للدبس، وتحدّ من رمله في الشتاء في ذات الوقت.

بعد انتهاء الموسم، ينسحبُ الجميع إلى داره، وتصبح أيامنا فارغةً بكلّ ما مضى. وقد ورد في الموروث الشعبي الفلسطيني: “ما أكثر أصحابي لما كرمي سوى دبس وما أقلهم لما يِبس”.

مدعسنا الآن

بعد عدة سنواتٍ؛ ضاق مدعسنا بنا، فذهب كلّ منا إلى صنع مدعسه الخاص قرب بيته، وكثرت الأعشاب الصفراء حول القديم، وتوحّش المكان، ورُدِم لاحقاً تحت التراب، التراب الذي أضيف بعد عمل حوضٍ كبيرٍ للتينتيْن، فاختفى معه الدرج الحجريّ الأثير، وجزءٌ من الجدار الحجريّ الذي برزت منه الكثير من نباتات اللوف.

وهكذا انسحبت كل عائلةٍ صغيرةٍ إلى جوار بيتها حيثُ مدعسها الخاص بها، مدعسٌ لا يشبه أثيرنا في شيءٍ، مبلّطٌ أملس ذو زوايا حادّة، باردٌ خالٍ غير حافلٍ بطقوسنا الاجتماعية أو بضحكات الأطفال الكثيرة حوله، على الأقل مقارنةً بما مضى، فيما استغنى معظم أهل الخليل عن المدعس برمّته واستبدلوه بآلة “المكبس”، بالأخص إن كنّا نتحدث بما قد تصحّ تسميته خطوط إنتاجٍ ذات هدفٍ تجاريّ.

لم يقتصر انسحابنا إلى دورنا على عصر العنب في المداعس الخاصّة لكلٍّ منا، بل تعدّتها إلى انسحابنا إلى أرضنا الخاصة ذات الكرم الجديد الذي لم يؤتِ أُكُله بعد. فيما أُهملت الأرض الكبيرة، فلم تعد تُسمّد أو تُحرَث، أو حتّى تقنّب أغصانها في الربيع، وتُرك العشب الأصفر يهيمن على المكان، فشحّ الثمر، ولم يعد في الإمكان التعويل عليها كثيراً.

في الصيف الماضي، كنتُ أمشي على الجبل باتّجاه دارنا، لاحت التماعةٌ في منتصف الوادي رأيتها بطرف عيني، وإذ بنارٍ صغيرةٍ بدأت تتعالى على طرف الكرم، أسرعتُ خطواتي وبدأت الركض علّنا نلحق، سرعان ما انتشرت النار مع قيظ الصيف الشديد وامتدّت خلال دقائق لتلتهم كلّ الأرض بحشائشها الصفراء الطويلة، وصوت طقطقة النار يعلو، واصفرّ كلّ الكرم في عزّ تموز! ذاك اليوم، شبّت نارٌ أخرى في أضلعي، وذرفتُ الكثير الكثير من الدموع.

عدنا إلى الكرم في مطلع ربيع هذا العام، لنجد الكثير الكثير من الداليات قد شُلّتْ وفقدتْ الحياة، وكان لا بدَّ من إزالتها.

جود أيلول والعنب

أيلول، شهرٌ كريمٌ فيّاضٌ، يأتينا بأوّل المطر ورزقه، وتكثر فيه العطايا ومصنوعات الدار من الأطعمة وقوتنا الذي لا ينتهي حتى بدء الموسم الجديد، وثمار الجبل والكروم، رمّان، وسفرجل وزعرور، وجوزٌ، وبطمٌ، وعنب وكلّ ما يمكن أن يجود به هذا العنب!


 

في كرمنا الكبير شجرتا سفرجل، تصلُ ثمارها حدّها الأخير في الاستواء معلنةً وقت صنع المربّى في أوائل أيلول، بالتزامن مع موسم الدبس. يُستغل “راووق” العنب في هذه العملية؛ إذ يضاف عصير العنب الخالص عوضاً عن أية كمياتٍ من السكر والماء قد تضاف عند صناعة أي مربى، يضفي له مذاقاً خاصاً يجعله يتربع عرش المربيات، من وجهة نظري على الأقل.

نجتمع كلّنا ذات ليلٍ، نتوزّع الأدوار في تقطيعه، فمن يزيل النواة والقشور التالفة، فيما يقطّعه آخر إلى قطعٍ كبيرةٍ، ثم تتلقفه الأيدي الأخرى لتصغّر القطع، ولعلّ هذه الدقة في العمل تأتي من قساوة ثمرة السفرجل، التي تحتاج جهداً أثناء تنظيفه أو تقطيعه، حتى تكاد تفقد الإحساس بيديك بعد الفراغ من التقطيع.

ولعلّ من أهم معايير طعمه اللذيذ لونه الأحمر المائل إلى البنفسجيّ، كما يُعتدّ بحجم القطع، في السفرجل خاصّةً ذي القطع الكبيرة يكون ذا مذاقٍ ألذّ.

وعن الخبيصة، هذا الطبق اللذيذ، يؤتى ببعضٍ من عصير العنب، يضاف إليه السميد، فيما يخلطه الكثيرون بالمكسّرات من قبيل القريش واللوز والصنوبر، لكنّ الجوز أثيرنا، من جوزتنا الكبيرة، لا سيّما أن قطافها يتزامن مع موسم الدبس.

المدعس العامر بطفولتنا

كان مدعسنا أشبه بنبع الماء الذي يجمعُ أطفال الحارة حوله، قضينا معظم طفولتنا هناك بجواره تحت التينتين. في العطلة الصيفية، كنا نستيقظ باكراً، ما نفتأ نتناول فطورنا حتى نفرّ سريعاً تحت التينة ونجتمع.

نبدأ طقوسنا بترتيب الحجارة لتكوين الغرف الداخلية بالحجارة الصغيرة المتفرّقة، نسوّي التراب في الأماكن غير المستقيمة، ونكنُسُه أحياناً! استُخدِم المدعس في “بيت البيوت” خاصّتنا كونه غرفةً للضيوف، حيثُ حوافّه المرتفعة التي تساعدنا على الجلوس براحةٍ على شكل دائرةٍ بعضنا قبالة بعضٍ، كانت ضيّقةً بعض الشيء، لكنها اتّسعت لأحاديثنا وأحلامنا الكبيرة، كما أمكننا إضافة طاولةٍ خشبيةٍ صغيرةٍ في المنتصف، نضع عليها فناجين قهوتنا المُعدّة من الماء والتراب!

كما كان الجدار الحجريّ من جهة المدعس ذا كوّةٍ كبيرةٍ مربّعة، غالباً ما كنّا نجعلها مطبخاً، نضع طعامنا وأدوات طبخنا المهترئة على حفّة الكوة، ومن الأعلى حيث أرضنا والجوزة الكبيرة، تتدلّى عروق القضّاب الطويلة مغطّيةً جزءاً لا بأس به من الكوة، فيصبح شكل المدعس بهيّاً، وهذه نقطةٌ أخرى ميّزته ورشّحته كغرفةٍ للضيوف.

كان ذلك، أيضاً، يغرينا أكثر لاستخدامه في حفلات الأعراس التي أقمناها كلّ يومٍ، كلّ يومٍ بلا كللٍ من تكرار تفصيلها. على الأغلب، لعبت غدير، ابنة عمي الصغرى، دور العروس، كانت تذهب فتختار فستاناً فاتحاً لها، تأتي بشعرها المسترسل الطويل، الذي لم يكن يناسب شعر العروسة، من وجهة نظرنا آنذاك.

كانت إيمان تستلم دور تزيينها، ترفع شعرها، تضع لها عُقْداً وحلقاً من زهور الخطيمة البرية التي كانت تنبت بجانب المدعس، كنتُ وما زلتُ شديدة الإعجاب بهما، ثمّ تزيّنها ببعض المكياج الذي كنا نأخذه خلسةً ونخبّؤه في جيوبنا دون أن تشعر أمّهاتنا بذلك! وكان العريس، على الأغلب، عماد، يذهب هو الآخر ويتأنق، ولا أنسى بريق عينيه الخضراوين الصافيتين أيامذاك!

زهور الخطيمة البريّة

نظل هكذا حتى قُبيل شمس المغيب، ثمّ نذهب إلى دورنا، نغسل أيدينا وأقدامنا مما علق بها من ترابٍ، ونعود بالأوراق والأقلام، لمخطّط يومٍ قادمٍ يحمل الكثير من الأحلام.

التوقيت الفلاحي وشتوة المساطيح

يروي لي أبي عن المعيشة التي لم نستطع اللحاق بجمالها وشقائها؛ فيستدعي من ذاكرته أيام انتقالهم في الصيف من بيتهم في جوار البلدة القديمة في الخليل، إلى الكروم بجوار الجبال، وكلّ العائلات على نفس المنوال.

كانت الأراضي، حيثُ نسكن الآن، واسعةً لا بناء مستقرّاً فيها، وعلى مدّ النظر، كروم عنبٍ تتخلّها أشجار الجوز والتين والرمان والسفرجل على أطراف كلّ كرمٍ، ولا تخلو من بعض شجيرات الزعرور وإن كان معظمه ينمو على الجبل. وبين كلّ كرمٍ يتبع لعائلةٍ ما وآخر، يفصل جدارٌ حجريٌّ أشبه بالسلاسل، وعلى أطرافها سِيَرٌ، أو “عرائش”، وهي البيوت الحجرية المنتشرة هناك، كانت بلا سقفٍ في معظمها، أوت العائلات فترة انتقالهم إلى كرومهم، ورغم انتهاء هذه العادة تقريباً، إلا أنّ الكثير من السيَر لا تزال موجودةً، وإن قضى مدّ الاسمنت على كرومٍ بأكملها!

أثناء تواجد العائلات في الكروم، يُصنع الدبس وكلّ ما يمكن أن يجود به العنب من زبيبٍ وخبيصةٍ وملبنٍ ومربّى عنب “عنطبيخ” أو مربى سفرجل، وعلى الجهة الأخرى يجفّف التين، يوضع والزبيب على المساطيح، وتُترك لتجفّ. تأتي شتوة المساطيح أو شتوة النقطة، معلنةً موعد إجلاء الزبيب والقطّين عن المساطيح داقّةً جرس العودة إلى الدور في البلد.

تروي لي أمي بعضاً من ذكرياتها في الكروم، فتقول إنّ حبّ البلاد لم يثبت في قلبها كما فعل أيام البيات في الكروم، وإن تلك الأيام أكثر ما كانت تحنّ إليه في غربتها، ثمّ دندنت لي بعضاً من مواويل العتابا …

يا بلادنا يا إمّ العنب والزيت
في بلاد الغرايب كيف بدنا نبيت
يا بلادنا يا إمّ الشجر والهيش
في بلاد الغرايب كيف بدنا نعيش