هل جرى استنساخ “جمهورية الفكهاني” ونقلها إلى رام الله؟ وكيف تبدو التشوّهات الإضافية في ظلّ استمرار التنسيق الأمني وازدهار العلاقات النفعية بين مراكز القوى الأمنية والإدارية مع نخب المجتمع المديني؟ وما هو أثر كلّ ذلك على مشروع التحرّر؟ مقال لسعد عميرة.
تعرّض المجتمع الفلسطينيّ إلى قمعٍ وموجات تدميرٍ متتابعة؛ بدأت قبيل عام النكبة، مروراً بعام النكسة، ووصولاً إلى “اتفاقية أوسلو” التي توِّجت ببناء المؤسسات، وترسيخ التنسيق الأمني باعتباره الضمان لاستمرارية المؤسسات التابعة لمنظمة التحرير [1] في ظلّ وجود المنظومة الاستعمارية الاستيطانية. إنّ فهم عمليات مأسسة “التنسيق الأمني”، وجعله “نشاطاً طبيعياً” يتمّ بكلّ كفاءةٍ، يتطلّب منّا تأطيره ضمن مجموعة عمليّاتٍ متداخلةٍ مكانياً وزمانياً.
تتجسّد هذه العمليات بضرب الاقتصاد الأخلاقي للمجتمع الفلسطيني المتمثّل بالفزعة و العونة، [2] وتحويل مدينة رام الله إلى فضاءٍ مدينيّ تقني يتركّز جلّ تخصّصه على “أمن النخب” و”إدارة” الوقت الاجتماعي. [3] فضاءٌ قائمٌ على تغيير شكل العلاقة الاجتماعية ما بين نخب ونشطاء الانتفاضة الأولى وبين الفئات التي ادّعوا تمثيلها: (عمّال، فلاحون، طلبة جامعات، وكوادر حزبية)، ممّا أدّى إلى تشويه أنماط الحياة الثقافية الاجتماعية المرتبطة بالعمل في الأرض، لا سيّما في مواسم الإنتاج الزراعي، [4] و استبدالها تدريجياً بعلاقات تبعيةٍ مرتبطة ببيروقراطية الأمن و الإدارة، الأمر الذي أفضى إلى فقدان الأرض -كفضاءٍ إنتاجي- لقيمتها الاجتماعية-السياسية كمحورٍ للصراع، وتحوّلت إلى سلعةٍ ما.
وحتّى تتمكّن السلطة الفلسطينية من لعب هذا الدور، توجّب عليها احتكار السلاح، وفرض الضرائب على مجتمعٍ تحت الاحتلال، وإدارة العنف بالشكل الذي يصوِّرُها هي كحامٍ للوضع الراهن. وعليه -فمن الطبيعي أن نسأل- كيف تحوّلت منظمة التحرير الفلسطينية إلى سلطة حكمٍ ذاتي تعمل على ضبط شعبها وهو/هي تحت الاحتلال؟ وكيف تتحوّل حركات التحرّر إلى عصابة “مافيا”؟
للإجابة على ذلك، نستحضر عمل “هوبسباوم” في أنماط التنظيم المجتمعي في حوض المتوسط وأمريكا الجنوبية، والذي تناول فيه الحركات الثورية و”المافيا” كأحد هذه الأنماط، مجادلاً أنّه كلّما ابتعدت الحركاتُ الثورية عن عمل الحركات الاجتماعية، تصبحُ أقرب إلى “المافيا” كمنظومة عربدةٍ و ابتزازٍ مالي. [5]
يقودنا ذلك إلى عمل يزيد صايغ الذي يتتبّع تطوّر الحركة الوطنية الفلسطينية، مبيّناً فيه تدفّق المال بعد الاعتراف بمنظمة التحرير في قمة الرباط في العام 1974. أحدث ذلك تغييراتٌ بنيوية في طبيعة الحركة الوطنيّة الفلسطينية، وساهم في بداية تبلور “جمهورية الفكهاني” في بيروت، كتعبيرٍ ثقافيٍّ سياسيٍّ عن ترهّل الحركة الوطنية الفلسطينية، لتتحوّل منظمة التحرير إلى منظومةٍ لإدارة الريع السياسيّ عبر مكاتب، ومرافقين، وسكرتاريات. وتخلّل ذلك عملية شراء ولاءاتٍ وتهميش أيّ حركةٍ اجتماعيةٍ أفقية. [6]
بناءً على ما سبق، يقترح هذا المقال أن تكون تجربة “جمهورية الفكهاني” في بيروت -بأبعادها المدنية والثقافية والاجتماعية- مدخلاً لفهم تجربة بناء السلطة الفلسطينية في المراكز المدنية في الضفة وغزة. وسيكون هذا أيضاً مدخلنا لنقد قصور بعض أدبيات الاقتصاد السياسي للتنمية، والتي تفصل عملية “بناء مؤسسات أوسلو” عن السياق التاريخيّ والاجتماعيّ لتطوّر الحركة الوطنية؛ حيث تتعامل معها كمؤسساتٍ سياسيةٍ خلقها المانحون في العام 1993، وبالتالي تفصلها عن ديناميكياتها الاجتماعية “ما قبل أوسلو”.
“ثورة حتى آخر الشهر”
يُمكن محورة وقراءة دور “النخبة الوظيفية” في رام الله كـ”مجموعةٍ أصلانية مهيمنة” [7] لها دورٌ نشطٌ في التفاعل مع بنية الاستعمار الاستيطاني، في الحيز الذي حصر فيه المفاوض الفلسطيني سيادته في مراكز مدن المناطق المصنّفة (أ).
كيف يُمكن ربط الفضاء الأمنيّ لـ”أوسلو” مع الحيّز الثقافي المديني في رام الله؟ وكيف تتعايش “النخب الوظيفية” مع حالة الهدوء الحذِر التي يحفظها موظّفُ الأمن، وبالتالي تساهم بجعله غير مرئيٍّ أو تتعايش معه كمسألةٍ طبيعية؟ وهل يُمكن في هذا السياق تفسير “التنسيق الأمني” كمنظومةٍ مرتبطةٍ بـ “النخبة الوظيفية” البيروقراطية غير المشاركة فيه مباشرةً و لكنّها تتعايش معه، وتتقاضى أحياناً رواتب تصل إلى 20 ألف دولارٍ شهرياً؟ أم تقع المسؤولية على عاتق موظف الأمن الذي يتقاضى 2000 “شيقل” شهرياً أو قائد الأمن الذي يتقاضى ثلاثة آلاف دولار؟ وهل تنتج هذه المنظومة شيئاً غير”إدارة الموظفين” و”أمن كبار المسؤولين”؟ وكيف استطاعت النخبة الأمنية-الإدارية أن تصبح محور المجتمع الفلسطينيّ في الضفة الغربية؟
لاستكشاف هذه الأسئلة، لا بدّ لنا من التعامل مع الريع السياسيّ كمردودٍ ماليٍّ منفصلٍ عن الأرض والإنتاج الاقتصادي والثقافي المرتبط بها، حيث يتمّ إدارة هذا الريع عبر شبكاتٍ من المكاتب والسجون والمراسلين والسكرتيرات والمدراء والمحاسبين والمطاعم المحددة… الخ. وكلّها أماكن مغلقةٌ تعمل على قتل الوقت الاجتماعيّ وإضاعته في نشاطاتٍ بيروقراطيةٍ غير منتجة. هذا الحيز يهيّمن عليه الموظف الإداري والموظف الأمني، ويقع تحت عين “إسرائيل” باستمرار.
يدفعنا ذلك إلى ضرورة دراسة الحياة اليومية لمؤسّسات النخبة (سلطة وغير سلطة) عبر تقاطعات الدراسات الحضرية، و الأنثروبولوجيا السياسية ودراسات الاستعمار الاستيطاني. وعليه، نسأل، كيف يُمكن لفدائي سبق له أن شارك في معارك تحرير ضدّ “إسرائيل” أن يتعاون معها أمنياً بسهولةٍ؟ وكيف يتمّ تصوير التنسيق الأمني على أنّه “شيءٌ عاديّ”؟ وهل تقتصر القصّة على تيارٍ معيّنٍ داخل السلطة؟ أم هل أصبحت قضيةً يشارك فيها باقي أفراد النخبة المدينية؟
تستدعي هذه الأسئلة قراءة المشهد في سياق تشكّل شبكاتٍ جديدةٍ من العلاقات الاجتماعية المدينية في رام الله، غير المبنية على تقسيماتٍ وأيدولوجيا يمين ويسار، بل كونها مبنيةً على التعاون؛ كلٌّ حسب مجاله في إنتاج و استدامة هذه المؤسسات الأمنية-الإدارية كأنماط حياة وريعٍ سياسيّ يورّث للأبناء والأحفاد. كما يجدر النظر إلى ذلك بالتوازي مع تهويد القدس، وحصار غزة، وتهميش مدن أخرى كالخليل ونابلس كفضاءات إنتاج وحركة وتنظيم مجتمعي.
وحتى تستطيع هذه النخبة إدارة شعبٍ مُستعمَر، كان لا بدّ لها من فصل نفسها عن الحركات الاجتماعية- القطاعية-النقابية، كالعمّال والأساتذة والفلّاحين وتحرّكات الشباب كفئةٍ اجتماعية، وأن تخلق جيشاً من “الموظفين الإداريين” و”موظّفي الأمن”.
مأسسة الريع و ضرب المنظومات الاجتماعية
يعتقد البعض أنّ مسألة التنسيق الأمنيّ بين السلطة و”إسرائيل” هي مسألةٌ متعلقةٌ بمجموعةٍ متنفّذةٍ في السلطة، ولكنّ المسألة أبعد من ذلك في الحقيقة، وترتبط بإعادة تعريف الدور الاجتماعي اليوميّ لـ “النخبة” في “منظومة أوسلو”.
لم تتناول الأدبيات في هذا المجال عملية بناء المؤسّسات والتمويل الخارجي كعمليةٍ موازيةٍ لهدم المنظومات السياسية المجتمعية القِيمية للنخبة، فانشغل جزءٌ منها بتقديم الفساد السياسي كتنمية وبناء مؤسسات، وانشغل البعض بالتعامل معها كنظرية مؤامرة. في المقابل، يغيب عن الأدبيات التي انشغلت بدور البنك الدوليّ وتأثيره ثقلُ المستوى اليومي الإداري للسلطة كـ “مافيا” في التفاعل مع مقترحاته.
يؤطّر كتاب خان-جقمان-زملط، المنشور في العام 2004، [8] حالة “ما بعد أوسلو” كنقاشٍ اقتصاديٍّ استثماري مستحضراً مواضيع تنمويةً متعلّقةً ببناء المؤسّسات وخلق بيئةٍ جاذبة للاستثمار لإنجاح مشروع الدولة. يحوّل الكتاب فلسطين من حالةٍ استعمارية، وفضاءٍ للحرب وللعبودية والمقاومة، إلى نقاشٍ حول الريع السياسيّ الأمثل وطبيعة المؤسّسات السياسية ومؤسّسات المجتمع المدني الواجب توافرها للوصول إلى حالةٍ تنمويةٍ راسخةٍ تحت الاستعمار. وكأنّ من مصلحة الاستعمار الذي كان طرفاً في اتفاقية “أوسلو” خلق اقتصادٍ سياسيٍَ فلسطينيٍّ متين. يبني خان أطروحة الكتاب على “نموذج التحوّل الاجتماعي”، والذي يصبو إلى الديمقراطية كغايةٍ في حدّ ذاتها -مدعّمة بمؤسساتٍ قابلة للحياة- لتهيئة الجو أمام ريعٍّ سياسيٍّ مستدام.
وعلى الرغم من اعتبار الكتاب السلطة كياناً تابعاً، وذلك بإدراكه أنّ الاحتلال لم يخطّط لاقتلاع أيّ “مستوطن”، يصبح من العبثية في هذا السياق استحضار الديمقراطية أو تأطير ذلك في سياق تحوّلٍ اجتماعي، لأنّ المسألة تتعلّق بإضافة كيانٍ فلسطيني (أمنيّ وإداريّ) موازٍ لمنظومة الضبط الصهونية. واللافت أيضاً أنّ هذا الكتاب جاء بعد تدمير مؤسّسات السلطة، على إثر اشتباكها مع الاحتلال لفترةٍ محدودة في الانتفاضة الثانية، ويُمكن القول هنا إنّ الأكاديمي يقدّم خدماته للسياسيّ في “مشروع أوسلو- ما بعد الاجتياح” لدمقرطة المسخ السياسي الفلسطيني القادم.
أمّا بالنسبة لكتاب خليل نخلة “فلسطين وطن للبيع”، [9] يقدّم الكاتب تشابكات و تقاطعات السلطة الفلسطينية، والمؤسسات غير الحكومية ورأس المال، كشبكةٍ من العلاقات التي تضرب إمكانيات التنمية التحرّرية في فلسطين. يشدّد الكاتب على ضرورة خلق تنميةٍ تحرّريةٍ مرتكزةٍ على الناس للتقليل من التبعية لـ “إسرائيل” والمانحين. وإضافةً لذلك، يتحدث نخلة عن ضرورة الاستثمار في الزراعة برومانسية، ويُبقى حديثه حول الموضوع عامّاً. يُعطي أسلوب الكاتب في نقد ثنائية السلطة والمؤسّسات غير الحكومية انطباعاً للقارئ بوجود حبكةٍ أو مؤامرةٍ ما تُحيكها السلطة والمؤسّسات غير الحكومية في الخفاء. لا شكّ أنّ هناك تقاطعاتٍ بينهم على “أجندة أوسلو”، وهناك اختلافات أحياناً، ولكنّ نخلة لا يوضّح سبب نجاح السلطة والمؤسسات غير الحكومية في بناء القواعد الاجتماعية، وخاصةً في الحيّز المديني.
ترسم أدبيات التنمية التي تستورد نقاشات المراكز الغربية مساراً واحداً، وهو التبعيّة المطلقة من الجنوب للشمال، وسيطرة المركز الاستعماري على كياناتٍ تابعةٍ تتلقى الأوامر. يغيب عن هذه الأدبيات تأثير البنى الاجتماعية على آليات استثمار النخبة للريع في بناء شبكاتٍ من المصالح ومراكز القوى تُخالف أهداف المموّل الخارجي في أحايين كثيرة. هنا تحديداً، يغيب المستوى اليوميّ المكاني القاعديّ للتحليل؛ وكأنّ كلّ مدير مؤسسةٍ في الجنوب هو “أداةٌ” مجرّدة لتنفيذ أجندةٍ خفية.
وبالنظر إلى تفاعل “ريع أوسلو” الخارجي مع الحركات الاجتماعية في رام الله اليوم، لنا أن نستحضر كيف عمل الاستعمار البريطانيّ على إعادة تشكيل القبيلة في المنطقة العربية، وتأصيلها إدارياً عبر استغلال المنظومات الاجتماعية القائمة. ولعلّها نقطة انطلاقٍ أساسيةٌ لتحليلٍ مجرّدٍ من نظريات المؤامرة.
تتكثّف شبكات العلاقات هذه في رام الله، فتمنحها حياةً خاصةً بها كمركزٍ إداري، وهو الأمر الذي يلعب دوراً هاماً في تشكيل الرأي العام، وتحديد الأولويات السياسية المجتمعية، وشرعنة بعض الحراكات أو تهميشها. في هذه البيئة، يذوب أحياناً الفرق بين مؤسّسات السلطة والمؤسسات غير الحكومية، وتتقاسم نخبة رام الله الوظيفية إدارة هذه المؤسسات، فتارةً نرى الأب مديراً في السلطة والأم مديرةً في المؤسسات غير الحكومية، وتارةً نرى العكس.
في المقابل، يتناول توفيق حدّاد عمليات تأثير البنك الدولي على السلطة، [10] متعاملاً مع البنك الدولي كقوةٍ مطلقةٍ ومُظِهراً السلطة كموظفٍ محليّ للبنك الدولي. وفي تحليله لفترة “ما بعد أوسلو”، يُغفل حدّاد شبكة علاقات القوى الناجمة عن أنماط التنظيم المجتمعية القريبة من “المافيا”، والتي نشأت كحيزٍ موازٍ لتنظيم العلاقات بين مستويات قوىً مختلفة، وعليه يكتسب دورها أهميته كوسيطٍ بين شعبها ومنظومة الاستعمار الاستيطاني، وفي بعض الأحيان، تصبح العمود الفقري وتُطوِّر أنماطاً سياسيةً واجتماعيةً جديدة. [11]
يعدّ احتكار السلطة للسلاح في الضفة الغربية، وقدرتها على نسج علاقاتٍ مناطقيةٍ على شاكلة أمراء الحرب، عاملاً مهماً في جعلها لاعباً أساسياً في القمع وضمان هدوء فلسطين و”استقرارها”. فحتّى وإن انقطع الدعم الخارجي، يُمكنها إيجاد طرقٍ خلّاقةٍ لتجنيد الأموال، واستغلال موقعها كمحافظٍ على التوازن، خاصةً في علاقاتها الثنائية مع دول أخرى. لا يؤطّر حدّاد لعملية بناء مؤسسات السلطة في سياقها التاريخي، بل يركّز جُلّ تحليله على فترة أوسلو، ويهمل تجربة “جمهورية الفكهاني” التي كان لها أثرٌ كبيرٌ في تلك الفترة، خاصةً في التخريب على بعض الحركات الاجتماعية، واحتواء أحزاب المعارضة -اليسار- عبر إشراكهم في إدارة الريع في بعض المجالات.
وعلاوةً على ذلك، تعجز الكثير من أدبيات التنمية في فلسطين عن فهم وتحليل درجة الانسياب ما بين الحمولة والحزب السياسي والمؤسّسة والمنطقة، بحيث تتداخل جميع هذه البنى لتشكّل الريع السياسي تحت الاستعمار، والذي تتقاسم زبدته “النخبة الوظيفية”، وتوزّع بعضاً منه على موظفيها.
خاتمة
“بدوني، تبعين فتح ما قدروا يفهموا على دايتون، ولا دايتون قدر يفهم عليهم”، هذا ما قاله “خبيرٌ تقدميّ مرموق”، متقاعدٌ من “وسطٍ كادح”، وأصبح يتقاضى 600 دولار يوميّاً. جيشٌ من المترجمين ومدراء المشاريع ومجنّدي الأموال والحقوقيين، والموظّفين الماليين والإداريين والمحاسبين، والخبراء والباحثين والصحفيين وأساتذة الجامعات وملّاك العقارات، جميعهم شاركوا في إنتاج بنية “السلطة” ومهّدوا للحظة إنتاج التنسيق الأمني، وبينهم وبين أفرادها علاقات نسبٍ ومصاهرةٍ وصداقةٍ، ويُمكن أن يكونوا من سكّان “الأحياء البرجوازية” عينها، في الطيرة أو الماصيون أو البيرة.
تفرض علينا نقاشات التنمية القائمة التعامل مع “أوسلو” كمشروع “بناء مؤسّساتٍ سياسية”، وبالتالي تُفقدنا القدرة على دراسة الحيّز المكاني لها كمؤسّساتٍ اجتماعية. فما داعي وجود هذه المؤسّسات؟ وكيف تستمرّ بالعمل في وقتٍ تستمرّ فيه “إسرائيل” بضمّ الضفة الغربية؟
يتوسّع مشروع الاستعمار الاستيطاني بشكلٍّ أفقيٍّ ليبتلع الأرض، وتتوسّع شبكات الريع السياسي بشكلٍ عموديٍّ فتبني مؤسساتٍ وعقارات، ولا يحدث تصادمٌ بين الطرفين. يتركّز الريع السياسيّ في قلب رام الله، ويسهّل على “إسرائيل” ابتلاع مناطق “ج” و”ب”، ويمهّد كذلك لتحويل مجتمعنا وريفنا إلى عشوائيات عنفٍ يديرها أبناء موظّفي نخب الأمن والسلطة.
****
الهوامش:
[1] Khan, et al. 2004. “State Formation in Palestine: Viability and Governance during a Social Transformation (Routledge Political Economy of the Middle East and North Africa).” UK: Routledge.
[2] Scott, James. 1977. The Moral Economy of The Peasant, Rebellion and Subsistence in South East Asia. Yale, Yale University press
[3] Lefebvre, Henri.( 1992) “The Production of Space”. New Jersey, Wiley-Blackwell.
[4] Cronon, William.( 2002)” Changes In The Land. Indian, Colonists and The Ecology of New England”. New York, Hill and Wang.
[5] Hobsbawm, Eric.1965. “Primitive Rebels”.New York. W.W Norton & Company.
[6] Sayegh, Yezid. 2000. “Armed Struggle and the Search for State: The Palestinian National Movement, 1949-1993.” UK: Oxford University Press.
[7] Guha et al. 1988. “ Selected Subaltern Studies .” Oxford : Oxford University Press.
[8] Khan, et al. (Routledge Political Economy of the Middle East and North Africa).” UK: Routledge.
[9] Nakhleh, Khalil. 2011.” Globalized Palestine: The National Sell-Out of a Homeland.” New Jersey: Red Sea Press.
[10] Haddad, Toufic.2016.” Palestine Ltd: Neoliberalism and Nationalism in the Occupied Territory.” I.B.Tauris.
[11] Hobsbawm, Eric.1965. “Primitive Rebels”.New York. W.W Norton & Company.
المراجع
Cronon, William.( 2002)” Changes In The Land. Indian, Colonists and The Ecology of New England”. New York, Hill and Wang.
Guha et al. 1988. “ Selected Subaltern Studies .” Oxford : Oxford University Press.
Haddad, Toufic.2016.” Palestine Ltd: Neoliberalism and Nationalism in the Occupied Territory.” I.B.Tauris.
Hobsbawm, Eric.1965. “Primitive Rebels”.New York. W.W Norton & Company.
Khan, et al. 2004. “State Formation in Palestine: Viability and Governance during a Social Transformation (Routledge Political Economy of the Middle East and North Africa).” UK: Routledge.
Lefebvre, Henri.( 1992) “The Production of Space”. New Jersey, Wiley-Blackwell.
Nakhleh, Khalil. 2011.” Globalized Palestine: The National Sell-Out of a Homeland.” New Jersey: Red Sea Press.
Sayegh, Yezid. 2000. “Armed Struggle and the Search for State: The Palestinian National Movement, 1949-1993.” UK: Oxford University Press.
Scott, James. 1977. “The Moral Economy of The Peasant, Rebellion and Subsistence in South East Asia”. Yale, Yale University press.