تقدّم هذه المحاضرة قراءةً في مفهوم القلق الوجوديّ في الأدبيات الصهيونية: أصوله، معناه وتحوّلاته ولحظات اشتداده، وكيف يتمّ استيعابه صهيونيّاً وتطوير آلياتٍ لمواجهته، فضلاً عن توظيفه في هندسة الهويّة المقاتلة للجماعة الاستيطانية في فلسطين واستخدماته السياسية.
ضمن لقاءات الجامعة الشعبية، عقدت “دائرة سليمان الحلبي للدراسات الاستعماريّة والتحرّر المعرفي” محاضرةً بعنوان “نهاية “إسرائيل”: متلازمة القلق الوجوديّ في المشروع الصهيونيّ“، قدّمها لنا الأستاذ خالد عودة الله بتاريخ 11 أيلول 2019.
نجح المشروع الاستعماريّ الصهيونيّ في السيطرة على الأرض وبناء مستعمرةٍ بقوّة الحديد والنار، ولكنه فشل فشلاً ذريعاً في التحوّل إلى حالة “ما بعد استعمار” في فلسطين؛ فبعد أكثر من ١٠٠عامٍ على انطلاقه، لا يزال المشروع الصهيوني يعي ذاته أنّه في طور التحقّق والوصول إلى غايته النهائية.
صاحب المشروع الصهيونيّ منذ بدايته ما يُمكن تسميته بـ”متلازمة القلق الوجوديّ” في الوعي الجمعيّ للمستوطنين الصهاينة، والتي يُمكننا تعريفها بحالة إدراكيّة واعيةٍ كامنةٍ ومزمنةٍ بأن “إسرائيل” سوف تنتهي في يومٍ من الأيّام. قد يتراجع هذا الشعور في لحظاتٍ تاريخيّةٍ محدّدةٍ، ولكنه لا يلبث أن يتصاعد في لحظات الأزمة والشعور بعجز القوّة. وعلى الرغم من أنّ له وجوداً موضوعيّاً يعبّر عن تناقضات هذا المشروع، استخدم الساسة الصهاينة القلق الوجوديّ كوسيلةٍ للتعبئة القتاليّة في المجتمع الصهيونيّ، وفي الصراعات الداخليّة على قيادة “إسرائيل”، وصولاً إلى اللجوء إليه في الابتزاز الدوليّ لدعم “إسرائيل”.
يضيء خالد عودة الله في هذه المحاضرة على الأدبيات البحثية الصهيونية المتكاثرة حول القلق الوجودي لفهم وتحليل وإدارة هذه الظاهرة، باعتبارها ظاهرةً منتشرةً ومستمرّةً، فيما يمكن أن نطلق عليه حقل دراسات القلق الوجوديّ، هذا الحقل الذي لا يحظى بما يستحق من اهتمامٍ عند دارسي العدوّ ومجتمعه. كما يقدّم قراءةً معمّقةً في مفهوم القلق الوجوديّ في الأدبيات الصهيونية: أصوله، معناه وتحوّلاته ولحظات اشتداده، وكيف يتمّ استيعابه صهيونيّاً وتطوير آلياتٍ لمواجهته، فضلاً عن توظيفه في هندسة الهويّة المقاتلة للجماعة الاستيطانية في فلسطين واستخداماته السياسيّة. ولعلّ الحقيقة الأهم التي تعنينا من مسحنا لهذه الأدبيات هي العلاقة الطردية ما بين المقاومة وحالة القلق الوجودي عند الصهاينة.
للاستماع إلى المحاضرة، من هنا: