يقدّم لكم فريق باب الواد، في هذه المساحة الصغيرة، خمسَ مقالاتٍ انتقاها من منابرَ مختلفةٍ كانت قد نُشرت في شهر نيسان الماضي، والتي يرى فيها نقاشاً جاداً وقيمةً معرفيةً تتقاطع مع الموقع.
يقدّم لكم فريق باب الواد، في هذه المساحة الصغيرة، خمسَ مقالاتٍ انتقاها من منابرَ مختلفةٍ كانت قد نُشرت في شهر نيسان الماضي، والتي يرى فيها نقاشاً جادّاً وقيمةً معرفيةً تتقاطع مع الموقع.
العودة بين الخطاب والممارسة: في ضرورة تغيير فهمنا للأسُس والمقوّمات
نشر موقع “انحياز”، الشهر الماضي، مقالاً بعنوان “العودة بين الخطاب والممارسة: في ضرورة تغيير فهمنا للأسُس والمقوّمات”، يُقدّم فيه الكاتب يوسف الشادلي محاججةً قويةً من وحي الواقعية الثورية، يتناول فيها مركزية العودة وقضية اللاجئين في التحرر الفلسطيني. كما يطرح الشادلي تفسيراً لأهم القوانين الدولية، ونقداً لمن يتسلح بها قانونياً وسياسياً باعتبارها أداةَ ضغطٍ فعالةً من أجل تحقيق العودة الفلسطينية.
أدى دخول منظمة التحرير الفلسطينية المسارَ التفاوضيَّ والعودة الجزئية للقيادة الفلسطينية إلى فلسطين إلى فقدان أيّ تواجد فعلي لها في دول الطوق في عام 1982. وبخيار عودتها هذا، عوّلت القيادة الفلسطينية في قضيّة اللاجئين على قضيّة إمكانية حلّها عبر التفاوض مع العدو. وبعد 25 عاماً، يقول الكاتب: “لا يعدّ لإقرارُ بإخفاق هذا المسار قضيّةً إرادويّةً نابعةً من حلم تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، بل هو إقرارٌ بواقعٍ لا يقبل الشكّ. أمّا قيادة الشعب الفلسطيني الحالية فما زالت تعيش حالة نكرانٍ تامٍّ رغم كلّ القرائن والوقائع الدالّة على عدم جديّة العدو واستهزائه بهذه القيادة التي تحوّلت إلى عصا غليظة في يد العدو يضرب بها المقاومة تحت مسميات التنسيق الأمني ومحاربة الإرهاب”، كانت آخر تجلياتها اعتبار الرئيس الأمريكي القدس عاصمةً للكيان.
يتناول الكاتب الوضع الدولي لقضية اللاجئين الفلسطينيين في خضم أزمات اللاجئين السوريين والليبيين واليمنيين في الآونة الأخيرة، وتحوُّل اللاجئ الفلسطيني إلى مواطنٍ فاقدٍ للمواطنة، وسط تهميشٍ ماديٍّ وتزاحم المانحين الدوليين على تقليص دعمهم لوكالة الغوث لصالح نفقات عسكرية، ومجاراة تورّطهم في الحروب الدائرة في المنطقة. لا يقصد الكاتب بهذه المعطيات الضغط على الدول المانحة بهدف زيادة الدعم، بل يأتي ذلك في سياق محاولة فهم الوضع المعيشي للاجئ الفلسطيني المحروم من أدنى مقاومات الحياة الكريمة، ما يحذّر من انفجارٍ اجتماعيٍّ وشيكٍ في مخيمات اللجوء في فلسطين والشتات. كما يهدف المقال إلى إعادة تسليط الضغط الاجتماعي على القيادة الفلسطينية لتحريك ملف العودة.
يقدّم المقال تفسيراً وافياً لقرارات الأمم المتحدة، عدا عن كونها حبراً على ورق؛ أهمها قرار 194 الذي كثيراً ما يُستند إليه عند الحديث عن حق العودة وقضية اللاجئين، كما يطرح إشكاليات تأسيس خطاب العودة على القانون الدولي والشرعية الدولية. إجمالاً، لا يُعوّل المقال على الرهان الديمغرافي في بناء قوةٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ وعسكريةٍ قادرةٍ على خلق سيادة فلسطينية. يخلُص الكاتب إلى وجوب مراجعة شعار الوحدة الوطنية بين الفصائل لتبني مقولة التحرير، مقابل عزل القوى التي تتبنى خياراتٍ سياسيةً مهادنةً.
للقراءة، هنا.
إخراج المقاومة
يأخذنا مهدي عيسى، في مقاله الشيق “إخراج المقاومة” المنشور في صحيفة “الأخبار” اللبنانية، إلى مشهدية المسرح العاشورائي وإعادة إحيائه في لبنان في عام 1982. تسعة شبان يعبرون قرية مجدل سلم بالشعارات الحسينية، على نحوٍّ يحمل مواجهةً للعدوان الصهيوني. بغالبهم، كان القائمون على المسرح، من تمثيلٍ وتنظيمٍ، من المقاتلين في الجبهات، يقضون إجازتهم في سرد القصص والحديث عن قيم الصمود والتضحية بين الناس.
يُعتبر المسرح العاشورائي إحدى المرجعيات الثقافية المشكّلة لبنية المقاومة التحتية، إذ يرى الكاتب أن “المقاومة لا تقوم على مرجعية طبيعية بقدر ما تقوم على مرجعية ثقافية قد نجدها خارج السياسات الظاهرة والخطابات المعلنة، لكنها حتماً حاضرة في ما راءها”، وهذا كله ينطوي على بناء ما أسمّاه فرانتز فانون العنف المطهّر للذات المستعمَرة من ندوب وشحنات القهر التي يسبّبها المستعمِر لها.
لا يتعجّب الكاتب من كون الفئة “الأقل تثقيفاً” هي الأكثر قدرةً على الثبات في مقدمة الحراك السياسي والاجتماعي والإمداد البشري للنشاط الثوري المقاوم، لما تملكه هذه الفئة من ثقافةٍ شعبيةٍ زاخرةٍ؛ ثقافة يصفها بأنها “الأغنى والأكثر قدرة على تقويض الثقافة الرسمية والسرديات المهيمنة التي ينتجها الغالب. فهؤلاء، ونظراً إلى ذاكرتهم الجمعية الثرية ولتراثهم الشفوي المليء بحكايات الأبطال والمُلهمين والملاحم والمأثورات والخرافات والشعر الحماسي…هم الأقدر على تحدي التواطؤ الرسمي وعلى الإشارة إلى طرق أخرى أمست متجاوَزة”.
يخلُص الكاتب إلى أنّ التحدي الأكبر أمام أي حركة تحررية مقاومة يكمن في تحويل القضية الجماعية إلى مسألةٍ فرديةٍ وهمٍّ شخصيٍّ، وبإمكانها تحقيق ذلك عبر الموالفة بين السياسة والثقافة، وتكريس المقدس في قلب الشعب دون مواراةٍ أو تبجّحٍ خطابيٍّ، وإعادة مقدسات الصراع وقيمه الأخلاقية ورموز الشعب إلى المقدمة.
للقراءة، هنا
أحمد إدريس وسرُّ الشيفرة النوبية في حرب أكتوبر
عانى الجيش المصري خلال حربه مع العدّو الصهيوني من عملية “فك الشيفرات”، إلّا أنّه في العام 1971 عثر على حلٍّ لتلك المعضلة عبر أحد جنوده الذي اقترح العودة إلى اللغة النوبية القديمة، والتي تمتاز بأنها تُنطق ولا تُكتب. آنذاك، وافق الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات على المقترح، لكنه فرض عليه منعاً للنشر الذي استمر حتى عام 1994، إذ استمرت قيادات الجيش باستخدام الشيفرات باللغة النوبية، وخاصةً في الرسائل السرية.
في مقالةٍ كتبتها رضوى سعد على موقع “المجموعة 73 مؤرخين”، يروي أحمد محمد أحمد إدريس حكاية مقترحه الذي سهَّل عملية فك الشيفرات على الجيش المصري، إذ رفع الجيش المصري عدد الجنود في وحدة حرس الحدود التي ينتظم إدريس في صفوفها إلى 72 كيلومتراً من بلدتي “فاديكا” و”كان” النوبيتين، وذلك بهدف استطلاع وتتبّع تحركات العدو، وإرسال الرسائل المشفرة إلى الجيش المصري.
يؤكد المقال أن اللغة النوبية كانت الشيفرة الرئيسية في حرب أكتوبر وليست شيفرة “المورس”، وقد سعى الاحتلال فيما بعد إلى تعلّم اللغة بإرسال أشخاصٍ إلى مصر، وهو ما يحذر منه إدريس الذي يتخوّف من مساعي الاحتلال في فكّ الرسائل والبيانات السرية الخاصة بالجيش المصري خلال حرب أكتوبر 1973.
للقراءة، هنا.
أمٌّ الحيران نموذجٌ لتهجير وإعادة تهجير عرب النقب
رغم الاهتمام الشعبي والإعلامي بقرية أمّ الحيران- إحدى قرى النقب المحتل- وما تواجهه من مشروع استيطاني صهيوني يسعى لمحوها وتهجير أهلها، إلا أن هذا الاهتمام- الذي ينخفض بين الحين والآخر تماشياً مع وتيرة اعتداءات الاحتلال – يأتي مهمشاً للسياقين التاريخي والقانوني لقضية أم الحيران.
في دراسةٍ نشرتها “مجلة الدراسات الفلسطينية” مؤخراً، يستعرض الباحث أحمد أمارة السياقات القانونية والتاريخية لقضية قرية أم الحيران بشكلٍ خاصٍّ، وقرى النقب بشكلٍ عامٍّ، التي يسعى المشروع الاستيطاني الصهيوني لمحوها وبناء مكانها قرى استيطانية جديدة؛ وهي مخططات يسعى الاحتلال لتنفيذها منذ التهجير الأول للفلسطينيين عام 1948، مستغلاً مؤسساته القانونية التي تقوم بشرعنة وإصدار قرارات الاستيلاء على الأراضي وسرقتها.
تختم الدراسة بالإضاءة على المواجهة المستمرة للفلسطينيين في النقب المحتل، فيما يواصل الاحتلال تطوير آلياته التي بدأت بمصادرة معظم أراضي النقب وتسجيلها على أنها “أملاك دولة”، فضلاً عن التكثيف في بناء المستوطنات والمنشآت العسكرية والمناطق الصناعية، وذلك على حساب الفلسطينيين الذين يسعى الاحتلال إلى محاصرتهم في مناطقَ محددةٍ، رغم تعاظم أعدادهم الذي يحول دون ذلك منذ سنوات.
للقراءة، هنا.
لماذا اتّجه تلاميذ ياسين الحافظ نحو اليمين؟
يٌقدم الكاتب محمد سيد رصاص، في مقاله المنشور في “الحوار المتمدّن”، إجابةً على سؤال مقاله المركزي “لماذا اتجه تلاميذ ياسين الحافظ نحو اليمين؟”، وذلك عبر معالجة تذبذبات ياسين الحافظ الفكرية، متخذاً منه حالةً نموذجيةً لتاريخ الموجات الفكرية العربية في النصف الثاني من القرن العشرين.
انتقل الحافظ من العروبية إلى الماركسية، ثم انفصل عن الحزب الشيوعي واتجه نحو إنشاء حزب عروبي يساري يدمج الماركسية مع العروبة. طغت مفاهيم الوحدة العربية ومناهضة الإمبريالية على فكر ياسين الحافظ في الستينيات، ورأى في صدام الغرب مع جمال عبد الناصر تجلياً صارخاً للصدام الحتمي مع القوى الإمبريالية.
وعلى إثر انتكاسة المدّ العروبي في السبعينيات ووفاة جمال عبد الناصر، اتجه نحو الجمع بين الماركسية والقومية العربية، وعمل على “مركسة” الحزب، مشكّلاً حزب البعث اليساري. لاحقاً، تأثّر الحافظ بأفكار عبد الله العروي حول الديمقراطية والعلمانية والفوات التاريخي، ليركّز بذلك على التوجه الغربي في تفسير التأخر العربي، وعدم المرور بمرحلة الليبرالية بمعانيها الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
يرى الكاتب أن بذور الليبرالية تأصّلت لدى تلاميذ ياسين الحافظ، وطغت على مفاهيم الماركسية والعروبة في الثمانينيات والتسعينيات، حيث اتجهوا نحو اليمين وعولوا على القوة الإمبريالية في العراق، خلافاً لما نظَّر ودعا إليه الحافظ. في الثمانينات والتسعينات، بات جلياً توجّهُ تلاميذ ياسين الحافظ في سوريا ولبنان لليمين والتفكير الليبرالي بالمعنى الفكري الثقافي السياسي الذي طمس ملامح الماركسية لديهم، ليصبح خطابهم متمحوراً حول الثقافة ومفاهيم العلمنة والحداثة ونقد الفكر التقليدي، أكثر من السياسة.
للقراءة، هنا.