يقدّم لكم فريق “باب الواد”، في هذه المساحة الصغيرة، مختارات قراءاتٍ نُشرت في شهر كانون الأول الماضي في منابر مختلفة، تنوّعت بين حكاية مدفع “بابا مرزوق” الذي تحاول الجزائر استعادته من فرنسا، انتقالاً إلى العنف الثوري كشرطٍ للتحرّر، دفاعاً عن الحياة لا تعطّشاً للموت، ومن ثمّ قراءتين في الاحتجاجات الشعبيّة في السودان والريف المغربي.
يقدّم لكم فريق “باب الواد”، في هذه المساحة الصغيرة، مختارات قراءاتٍ نُشرت في شهر كانون الأول الماضي في منابر مختلفة، تنوّعت بين حكاية مدفع “بابا مرزوق” الذي تحاول الجزائر استعادته من فرنسا، انتقالاً إلى العنف الثوري كشرطٍ للتحرّر، دفاعاً عن الحياة لا تعطّشاً للموت، ومن ثمّ قراءتين في الاحتجاجات الشعبيّة في السودان والريف المغربي.
****
مدفع بابا مرزوق … حكاية مقاومة
في مقالٍ نُشر على موقع “الميادين”، يعود الكاتب الجزائري، عبد الله بن عمارة، إلى القرنين الخامس والسادس عشر، ليقصَّ حكاية المدفع الجزائري الشهير بـ “بابا مرزوق” الذي تحاول الجزائر استعادته من فرنسا حتى يومنا هذا.
مع اندلاع ما تُعرف بـ “حروب الاسترداد”، أو سقوط الأندلس، ظهرت “قُوىً بحريةٌ فتيّةٌ” في غرب المتوسط- في سياقٍ عمّه عجزُ التصدي للاعتداءات الإسبانية- تمكّنت من تعطيل مشاريع التوسّع وتحرير الثغور المغربية المحتلّة من جهةٍ، وتوحيد المغرب الأوسط تحت راية “إيالة الجزائر” من جهةٍ أخرى. تحدّت هذه القوة الصاعدة النفوذ البحريّ الأوروبيّ، وكسرت احتكاره للتجارة، مُعرقِلةً مخططاته الاستعمارية في شمال إفريقيا، ومكتسبةً لقبَ “الجمهورية الرهيبة”، و”جزائر المغازي”، ومُقدّمةً نموذجاً مميزاً للإنتاج مكّنها من صدّ الحملات الأوروبية.
صمّم الجزائريون منظومةً دفاعيةً مُعقّدةً تمكّنت من تحويل مدينتهم من مرفأٍ صغيرٍ إلى قلعةٍ مُحَصَّنةٍ كسرت الطموحات التوسعية للممالك الأوروبية. يتمثّل هذا النظام في حفر المتاريس والخنادق حول المدينة لعرقلة عمليات الإنزال وإطلاق النار على المحتلّين، مستغلّاً موقع المدينة، ما مكّن الجزائريين من “مراقبة واعتراض الطرق المباشرة، من جبل طارق إلى شرق المتوسّط، ومن جنوب إسبانيا إلى إيطاليا وصقلية”.
أدرك الجزائريون أهمية امتلاك المدفعية لصدّ حملات الأعداء المتكررة، ليس بمجرد امتلاكها أو اغتنامها، بلّ تصنيعها أيضاً، فأسّسوا “دار النحاس” كمصنعٍ عسكريٍّ في منطقة باب الواد الجزائرية لتصنيع ما تحتاجه البلاد للقتال من مسدساتٍ وذخيرةٍ وبنادق ومدافع، وصولاً إلى السفن.
تبدأ حكاية المدفع الشهير بـ “بابا مرزوق” في عام 1542، حين قرّر “البايلرباي” حسن آغا صناعة مدفعٍ نوعيٍّ يتعدّى مداه الـ4800 مترٍ، والذي شكّل إضافةً نوعيةّ للمنظومة الدفاعية الجزائرية، نظراً لمداه وقوّته التدميرية. وفي ذاكرة الفرنسيّين، يعود المدفع إلى عام 1683، حين تمّ إعدام وقذف مجموعةٍ من “الدبلوماسيين” الفرنسيين، وعلى رأسهم القنصلُ الفرنسيُّ في البلاد، من فوهة المدفع، ردّاً على قصف أسطول الملك الفرنسي “لويس الرابع عشر” للجزائر. كما استُعمل المدفع في إعدام قنصلٍ فرنسيٍّ آخر، بعد تلك الحادثة بخمس سنوات، ردّاً على حملةٍ مماثلةٍ على المدينة.
وبعد احتلال الجزائر في عام 1830، وفي محاولةٍ لترسيخ هزيمة “الجمهورية الرهيبة”، نهب الفرنسيون المدفع ونصبوه في مدينة “بريست” الفرنسية، وأسموه “القنصلي”، تخليداً لذكرى إعدام قناصلهم، بلّ وعلّقوا عليه تمثال ديكٍ فرنسيٍّ.
للقراءة من هنا
العنفُ الثوريُّ شرطاً للتحرر
لا تنفصل المواجهة العنيفة عن الثورة، إنْ كانت ضدّ استعمارٍ خارجيٍّ أو كيانٍ سياسيٍّ يمارس فعل الاستبداد والظلم؛ فلكي تكون الثورةُ مُنتِجةً، على العنف أن يكون أداتها الرئيسة أو أحد أدواتها. وبينما يمارس المستعمِر العنف ويشرعن ممارسته، يرفض أن يكون العنفُ أحدَ أدوات الثائر؛ وهو ما فسَّرته الدراسات الغربية التي لطالما خدمت الاستعمار وبرّرت أفعاله، مُدعيةً أنَّ عنف المستعَمر ليس إلا حالةً مرضيّةً فرديّةً، أو مجرّدَ ردّةِ فعلٍ تُكرِّر فعل الاستعماري، أو فعلاً إرهابيّاً يعبّر عن دونية المستعمَر.
في مقالٍ منشورٍ في مجلة “الآداب” الشهر الماضي، تحاول الكاتبة أميرة سلمي دحض تلك المزاعم الغربية، مؤكّدةً أن العنف الذي يمارسه الثائر ضد الاستعمار أو الاستبداد حركةٌ متصاعدةٌ قائمةٌ على التراكم، وصولاً إلى انفجارٍ من شأنه تدميرُ الواقع المفروض وإنتاجُ حياةٍ جديدةٍ يتحرّر فيها المستعمَر من قيود الاستعمار والاستبداد، مُستشهِدةً بفكرة مالكوم إكس القاضية بأنّ العنف خيارُ المستَعمر المقموع في أمريكا، الذي سيحرِّر قيوده ويُمسِكه زمام التحكّم بحياته.
كما توضح الكاتبة أنّ العنف لا يعني تعطُّشاً للموت، بل دفاعاً عن الحياة، إذ إنّ المستعمَر بثورته يعبّر عن رفضه الخضوعَ والجُبنَ، محطِّماً بذلك حاجزَ الخوف حتى من الموت، وساعياً لزراعة بذرة بدايةٍ جديدةٍ، وحياةٍ متحرّرةٍ من التدجين، كما يقول إيمي سيزير.
وتشير سلمي، أيضاً، إلى أنّ الفعل الثائر لا يُبنى على الكراهية والانتقام، إنّما على قيمٍ وقضايا إيمانيةٍ، بوصف هذا الفعل ساعياً لانتزاع الحرية المطلقة، خلافاً لما تؤمن به حركة الفوضويين التي لا تفسّر الفعل الثائر إلا بوصفه فعلاً انتقاميّاً.
كما ترى الكاتبة أن المستعمَر لا يمكن له أن يكون في حالة اغترابٍ كاملٍ، إذ إنّ المستعِمر يفشل دائماً في فرض هيمنته على أجزاء من المستعمَر أو التنبؤ حتى بما سُيقدِم عليه، مُقتبِساً الأخير مصادرَ قوته من الكبرياء، والغضبِ، والحبِّ، والبهجة، والتي يستطيع من خلالها تخريبَ عمليّاتِ التدجين التي يمارسها الاستعمار.
وعلى وقع ذلك، يرى الثائر القتالَ وسيلتَه الوحيدةَ التي سُيحطِّم بها الاستسلام والخوف، ليخوض قتالاً غيرَ عقلانيٍّ لا يدرس فيه نتائجَ تبايُن القوة بينه وبين الاستعمار، إذ إنّه يخوض هذه المعارك المستمرة تعبيراً عن إنكاره للانهزام، فالمقاتل هو خِلافُ المهزوم، يرفض أن يتلقَّى الصفعات دون أن يردَّها.
وترفض سلمي، في مقالها، وصم الثورات بالجريمة، بهدف تشويه العنف الثوري وتجريمه، مُطالِبةً بمساءلة هذا الخلط، فالقتال لا يمكن قياسه إنْ كان منفعّياً أو لا، فهو قضيةٌ أخلاقيةٌ أو قضيةُ واقع الثورة نفسها التي تخترق الحلقةَ الدائريّةَ للحياة الاستعماريّة.
للقراءة، من هنا
السودان: هل تدقّ الانتفاضة أبواب البشير؟
بجيوبٍ وبطونٍ خاويةٍ، وقف السودانيون أمام منافذ بيع الخبز ومحطات الوقود، ليعيشوا تبدُّد وعود حكومتهم، ومحاصرة الأزمة لهم. على وقع هذه المأساة التي تضرب حياتهم اليومية، خرجوا غاضبين إلى شوارع المدن، مُحاولين انتزاعَ حقوقهم وحاجاتهم الأساسية، غير أنّ هُرِيّ القمع انهالت سريعاً على رؤوسهم، كما دوّى رصاص الأجهزة الأمنية السودانية مُسقطاً عدداً من المنتفضين، لتضُخّ دماؤهم في التظاهرات التي لا تزال متواصلةً، رافعةً شعار: “الشعب يريد إسقاط النظام”.
في مقاله المنشور على موقع حبر الشهر الماضي، يتتبّع الكاتب الصحافي خالد أحمد الثورة السودانية الجديدة، التي انطلقت شرارتها في 13 كانون أول جنوب شرق السودان بتظاهرةٍ طلابيةٍ تُطالب الحكومة بتوفير الخبز الذي بدأ بالنفاد من مدينةٍ تلو الأخرى، حتى لم يعد متوفّراً في مدينة عطبرة شمالاً، والتي انطلقت فيها تظاهرةٌ غاضبةٌ حرق خلالها المنتفضون مقر المؤتمر الوطني وعدداً من المقار الحكومية. فيما ستواصل القوات السودانية قمع التظاهرات بالقنابل الغازية والرصاص، وستُسقط مزيداً من القتلى والإصابات، إلا أنّ ذلك لم يجهض الثورة التي امتدّت إلى باقي المدن والقرى والبلدات السودانية، وصولاً إلى العاصمة “الخرطوم”.
إلى شمال وشرق وغرب السودان، امتدّت التظاهرات لتعبّر عن أزمةٍ خانقٍة ليست وليدة اللحظة. ففي 2011، وإثر تمكين إقليم جنوب السودان من الانفصال، بدأت الأزمة تُهدِّد البلاد بعد حرمانها من 85% من حقول البترول التي كانت تعتمد عليها سابقاً، مُهملةً تطويرَ قطاعاتٍ حياتيةٍ هامّةٍ، ليتبع ذلك انهيارٌ في العملة وتراجع باقي القطاعات؛ أهمها الزراعة، بجانب مواجهة البنوك السودانية أزمةَ سيولةٍ ستلحق بها أزمة توفير دقيق الخبز.
ويُبين الكاتب أنّ الحكومة السودانية اتّبعت، إلى جانب الإفراط بالقمع، مجموعةً من التكتيكات لمحاصرة التظاهرات، عبْر تعليق الدوام الدراسي في الجامعات والمدارس، مُحاوَلةً منها لتحييد المحرك الأساسي للتظاهرات من طلبة الجامعات والمدارس. كما فرضت الحكومة رقابةً أمنيًّة على الصحف الورقية التي بات يراجعها ضباطٌ يأمرون بحذف أيّ موادّ وثيقة الصلة بالتظاهرات، لتصبح مواقع التواصل الاجتماعي بديلاً تتدفّق عبرها الأخبار والصور والفيديوهات، غير أنّ ذلك لن يستمر طويلاً، وسيقرر الرئيس السوداني حظرها في البلاد. ومع اتساع الاعتقالات التي طالت أعداداً كبيرةً من النشطاء، بدأت التظاهرات تتحاصر شيئاً فشيئاً.
واللافت أن الأحزاب المعارضة لم تكن حاضرةً في التظاهرات السودانية، إلا عبْر البيانات التي حثّت الناس على مواصلة الاحتجاج، مُدينةً العنف الذي مارسته الحكومة. ويعزو الكاتب ذلك إلى الانقسامات التي تشهدها بنية المعارضة بين تكتُّلَيْ “نداء السودان” و”قوى الإجماع الوطني”، المتمثّلة باختلاف وجهة النظر حول طبيعة التعامل المناسب مع الحكومة، ليتوقّع الكاتب في نهاية المطاف انخراط أحزاب المعارضة بالاحتجاجات ولو بالحدّ الأدنى تحت قوّة الضغط الشعبي.
ويُشير أحمد إلى أنّ هذه التظاهرات الاحتجاجية الواسعة كشفت عن مأزقٍ وقع فيه عمر البشير المسيطر على الحكم في السودان منذ انقلابه عام 1989، في ظلّ عدم تمكُّن الحكومة السودانية من إيجاد حلولٍ سريعةٍ للأزمة، خصوصاً أن تحالفاته الإقليمية والعربية لم تسعفه لتخطي “الأزمة” ولم تمدّ يدها له.
نهايةً، يخلُصُ الكاتب إلى أنّ كلَّ الخيارات واردةٌ اليوم في السودان، فقد تتمكّن التظاهرات من إسقاط النظام السياسي، أو ربما تتّسع العمليات الأمنية وتحاصر التظاهرات أكثر فأكثر حتى تقضي عليها.
للقراءة، من هنا
حراك المغرب وإرث النزاع في الريف
نشر موقع “المراسل”، الشهر الماضي، دراسةً ترجمها يامن صابور للباحثة “آن وولف”، كانت قد نُشرت في مجلة “دراسات شمال أفريقيا” في تشرين الأول من العام الماضي. تتناول الدراسة تاريخ الريف المغربي وإرثه النضالي ضدّ الاستعمار وتهميش السلطات الحاكمة، وصولاً إلى الحراك الشعبي المستمرّ اليوم.
في تشرين الثاني 2016، وبعدما “طحنت” السلطات المغربية بائع السمك محسن فكري، عقب مصادرة الشرطة حصيلتَه من صيد السمك بحجّة عدم الترخيص، عمّت الريفَ المغربيَّ احتجاجاتٌ غاضبةٌ امتدّت في مناطق عدّةٍ، اتّسعت مطالبها لتشمل مظالمَ سياسيةً واقتصاديةً، والتي أظهرت بنيةً واعيةً ومتينةً سجّلت درجاتٍ عاليةً من الإصرار والوحدة، بالرغم من حملات القمع والتنكيل والتشويه الذي تعرّضت له.
تنطلق الدراسة من ارتباط احتجاجات الحراك الحالي في الريف المغربي بتاريخٍ ثوريٍّ طويلٍ لمنطقةٍ يملك سكانها ريبةً فطريةً من سلطات البلاد المركزيّة، تعود لسنين من القهر والتهميش. يعود إرث التمرّد هذا على الأقل، وفقاً للدراسة، إلى صيف عام 1921، حينما نجح مقاتلو قبائل الريف في هزيمة الجيش الإسباني، وقتل أكثر من 10 آلاف جنديٍّ، في معركة أنوال، بقيادة محمد عبد الكريم الخطابي.
سجّلت معركة أنوال أكبر حصيلة خسائر تكبّدتها قوةٌ استعماريةٌ في إفريقيا خلال يومٍ واحدٍ في القرن العشرين، سُميت بـ “الكارثة الإسبانية”. لم تأتِ الحرب، وفقاً للباحثة، ردّاً على الاحتلالين الفرنسي والإسباني، أو رفضاً للسلطة التقليدية فحسب، بلّ حمل الخطابي وثواره مشروعاً تحرّرياً وسياسياً، انتوى من خلاله تأسيسَ حكومةٍ ذات سيادةٍ راسخةٍ ومؤسسةٍ وطنيةٍ قويةٍ. وفعلاً، أعلن الريف استقلاله في أيلول 1921، وسارت الأمور بشكلٍ جيدٍ، نسبياً، حتى تمكّنت القوات الفرنسية والإسبانية الموحّدة، في نهاية عام 1925، من شنّ حربٍ شنيعةٍ أدّت لاستسلام الخطابي في أيار من العام 1926.
تُحاجج الدراسة أنّه، وعلى الرغم من قصر تجربة الجمهورية المستقلة، إلّا أن التهميش المتواصل للريف، تحت حكم الاستعمار والسلطات المغربية على حدٍّ سواء، ساهم في تعزيز سرديات إرث المقاومة وتناقلها عبر الأجيال من خلال القصص والأغاني والأشعار.
تاريخياً، قُسّم المغرب إلى منطقتين؛ “بلاد المخزن”، وهي الأراضي الحكومية المدينية التي يخضع سكانها للسلطان، و”بلاد السيبة”، أيّ المعارضة، والتي امتدّت على الأطراف الجبلية، وكانت بمعظمها قبليةً وسكنها الأمازيغ، وقلّما سدّدوا ضرائبهم دون إرغام المخزن. ساد التوتُّر علاقة السلطات الجديدة بالريف، وتجاهل الريفيون دعوات الملك محمد الخامس إلى المحافظة على النظام، بلّ وهاجموا طائرة ولي العهد الخاصة لدى محاولته زيارة المنطقة. أتى ردّ الملكية سريعاً، ونُفّذت عمليةٌ عسكريةٌ، في كانون الثاني 1959، أدّت إلى استشهاد أكثر من ثلاثة آلاف ريفيّ، وإعلان الريف “منطقةً عسكريةً” إلى يومنا هذا، فضلاً عن تهميشٍ سياسيٍّ واقتصاديٍّ متعمّدٍ.
لم تغِب أعلام جمهورية الريف وأغاني عبد الكريم الخطابي عن احتجاجات الريف المغربي خلال الثورات العربية أو الحراك الحالي، بل أخرست هذه الاحتجاجات القول السائد إنّ “الريفيين يتميزون بانعدام المشاركة السياسية”.
وإن دلّت نسب الإقبال المنخفض على الانتخابات في الريف المغربي على شيءٍ، فهو انعدام ثقة الريفيّين بالأحزاب السياسية، لا بالاهتمام بالسياسة. إذ وجّه ناصر الزفزافي، أحد قادة حراك الريف الشعبي، مطالب الحراك إلى الملك ذاته، بدلاً من ممثلي الحزب، مستدعياً إلى الذاكرة احتجاجات عام 1958 التي خاطبت الملكية بشكلٍ مباشرٍ.
وبالمقابل، بينما تحاول السلطات المغربية إعادة كتابة تاريخ الريف والتقليل من شأن عبد الكريم الخطابي ونزع “ريفيته” عنه، لا تزال تلتزم الحذر إزاء إرثه لما يمثّله لشرائحَ سياسيةٍ مغربيةٍ متنوعةٍ. ومنذ اندلاع احتجاجات حراك الريف الحالي، عملت السلطات المغربية على ترسيخ “عدمية” و”سلبية” الحراك الحالي، مغلّفةً اتهاماتها بالانفصالية وتهديد الاستقرار الوطني.
إجمالاً، قدّم حراك الريف المغربي نموذجاً صلباً وملهماً للحركات الاحتجاجية، عكست مطالبه، كإنشاء مستشفى وجامعة ومشاريع بنى تحتية وإلغاء المنطقة العسكرية في الريف، عقوداً من القهر والفقر والغضب، دفعت بالسلطات المغربية بزجّ قيادته خلف السجون لمدة عشرين عاماً، في محاولةٍ منها إسكاته.
للقراءة، من هنا