يسعى أحمد العاروري في هذا المقال لدراسة الظروف والنتائج التي ترتّبت على البُنى التنظيمية والإدارية، فضلاً عن الرؤى السياسية،  لقيادة منظّمة التحرير الفلسطينية، وأثرها على الأداء العسكريّ الفلسطينيّ في حرب لبنان عام 1982. 

“غائبةٌ عن البعد الاستراتيجي ومشغولةٌ بالتكتكة اليومية”. [1]

يُمكن الادّعاء بأنّ هذا الوصف يشكّل مفتاحاً لقراءة الواقع الذي وصلته المقاومة الفلسطينية بعد سنواتٍ من انطلاقها، وصولاً إلى اجتياح لبنان في العام 1982، تُضاف إليه هيمنة فكرة “الكيانية/الدولانية” [2] على أدائها في المجالات كافةً، بشكلٍ خلق تشويشاً على أدائها العسكري، ظهرت آثاره في معارك كبيرةٍ ومفصليّةٍ.

وفي محاولةٍ لفهم السياق ودراسة الظروف التي آلت بالمقاومة الفلسطينية إلى هذا الأفق، تدرس هذه المقالة بعض النتائج التي ترتّبت على البُنى التنظيمية والإدارية، فضلاً عن الرؤى السياسية لقيادة منظّمة التحرير، على الأداء العسكريّ الفلسطينيّ في حرب لبنان عام 1982. إذ جاء شكل التواجد الفلسطينيّ في لبنان، وقبلها في الأردن، مُنسجماً إلى حدٍّ كبيرٍ مع رؤية وتعريف منظمة التحرير لنفسها من خلال طريقة بناء مؤسّساتها، بشكلٍ أقرب لـ”الدولة” وما يترتّب عليها من مسؤولياتٍ و”ثقلٍ” في الوجود على الأرض، وما يستتبع ذلك من تحالفاتٍ فُرِضت عليها أحياناً وأقدمت عليها طوعاً أحياناً أخرى، وما تراكم على إثرها من صراعاتٍ داخليةٍ جلبت هي الأخرى نتائج كبّلت المقاومة وحرّكتها ميدانياً، وحرمتها أحياناً من هامش المناورة، تماماً كما حدث إثر التدخّل السوريّ في لبنان بعد الحرب الأهلية عام 1976.

وقد تبدّى أثر تلك البنى التنظيمية والإدارية خلال المواجهة العسكرية بين قوّات الثورة الفلسطينية وجيش العدوّ إبّان اجتياحه للبنان في حزيران من العام 1982، واتّضح ما كان يظلّلها من رؤيةٍ سياسيةٍ لدى قيادة منظمة التحرير، التي اعتمدت منطق “الدولانية” في تحرّكاتها، وما يتبعه من آثارٍ تحدّد مسار وطبيعة الأداء الميدانيّ/العملانيّ، سلباً أو إيجاباً.

في حين اتّجهت هذه الأنماط العملانية التي سلكتها منظمة التحرير، وبما تمثّله “فتح” من ثقلٍ قياديٍّ فيها، نحو غلبة “الشعار السياسيّ” أو الدعائيّ على العمل العسكريّ، بحيث أصبح الأخير محكوماً بأنماطه وأشكاله ووسائله لإرادة السياسيّ، وهو أمرٌ مُعتادٌ في غالب الثورات. لكنّ الذي حدث خلال سنوات الكفاح المسلّح فلسطينياً، أنّ الاهتمام بكثافة الأعمال العسكرية جاء أحياناً على حساب “جودتها” لصالح تكريس الصفة التمثيليّة للشعب الفلسطيني، والتي ناضلت المنظمة طويلاً لانتزاعها من “خصومها” في دول الطوق حول فلسطين المحتلة، وبخاصّةٍ الأردن. [3]

كما خلق تعدُّد البرامج السياسية والاجتماعية التي حملتها فصائل الثورة الفلسطينية تنوّعاً خطابياً في الحديث عن خيارات العمل العسكريّ ما بين حرب العصابات، أو حرب تحريرٍ شعبيةٍ، أو حرب الشعب. فيما اتّفقت الفصائل في كون الشعار أكبر من الواقع الميدانيّ، والذي كان يفتقر إلى التفريق العمليّ بين خصائص كلّ أسلوبٍ، سواءً من اختار العمل وفق تكتيكات حرب العصابات التي تكون الخلايا الصغيرة السرّية عمادها الأساسيّ، أو من أعلن انحيازه لصالح حرب تحريرٍ شعبيةٍ تشترك فيها الجماهير العربية. وربّما يعود ذلك إلى غياب اتفاقٍ فلسطينيٍّ أو حوارٍ على الاستراتيجية الأقرب للواقع من جهةٍ، وتواجد قوات الثورة في أرضٍ عربيّةٍ، وعدم إتاحة ذلك لسهولة اختيار وبناء شروط العمل العسكريّ بحريةٍ، من جهةٍ أخرى.  [4]

كان هذا الارتباك في اختيار استراتيجيةٍ شاملةٍ مُتفقٍ عليها فلسطينياً لتوجيه العمل العسكريّ والسياسيّ سبباً في حرمان المنظمة من التعلّم والاستفادة من الدروس والخبرات التي تراكمت بين ظهرانيها خلال سنوات عملها الممتدّة منذ هزيمة حزيران 1967 إلى اجتياح لبنان في عام 1982، وهو ما عزّزه تشتت قوات الثورة الفلسطينية بين الدول العربية.

ما قبل الحرب .. استنزاف القوى

في الواقع، استُنزفت القوات العسكرية الفلسطينية قبل الحرب خلال أكثر من مواجهةٍ ومهمّةٍ فرضها تحوُّل منظمة التحرير إلى “دولةٍ داخل دولةٍ” في لبنان؛ فأصبح مطلوباً منها أداء وظائف الشرطة في بعض المناطق التي كانت تحت سيطرتها، فضلاً عن سدّ الفراغ الذي تركه انسحاب القوات السورية من مناطقَ ساحليةٍ في الفترة ما بين 1979 حتى عام 1980، كما خلق التورُّط في الصراعات الداخلية انعكاساتٍ نفسيةً على المقاتل الفلسطيني الذي بات يشعر أنّ قتاله في غير موقعه الطبيعيّ. [5]

فرض الصراع الأهليّ في لبنان على منظمة التحرير، كأحد الفاعلين الرئيسيين مع حلفائها من أحزاب الحركة الوطنية، مسؤولياتٍ اقتصاديةً واجتماعيةً تجاه اللاجئين الفلسطينيّين والسكان اللبنانيّين في المناطق التي بقيت تحت سيطرتها، وباتت بمؤسّساتها وهيئاتها “دولةً داخل الدولة”؛ إذ اتّخذت المنظمة من منطقة الفاكهاني في بيروت عاصمةً لها. وساهم ذلك في خلق “مركز ثقلٍ” ظاهراً على السطح أعطى للعدوّ الصهيونيّ فرصةً لمحاصرته والضغط عليه لتحقيق نتائج سياسيةٍ وعسكريةٍ، كما أفقدها جزءاً من مميزات الحركة الثورية السريّة الطابع، التي اتّسمت بها بداية صعودها وحتّى وصولها إلى لبنان. [6]

في سياقٍ آخر، دفعت المنظّمة ثمن انغماسها في الصراعات العربية وإدارة شؤون الخارج، ما أضعف العمل العسكريّ/الفدائيّ في الداخل المحتلّ، وهو ما اعترف به الشهيد خليل الوزير في حديثٍ مع القائد العسكريّ للجبهة الديمقراطية ممدوح نوفل، قائلاً: “أهملنا الداخل يا ممدوح”! [7]

ولو أنّها أسّست لتنظيماتٍ أو قواعد للفدائيّين في الداخل تضطلع بمهمّة شنّ عمليات استنزافٍ متواصلةٍ، لكان من الممكن أن توفّر ضغطاً إضافياً على دولة الاحتلال يمنعها من حشد قوةٍ كبيرةٍ لاجتياح لبنان، ويسمح للثورة الفلسطينية بامتلاك ورقة قوّةٍ تفتتح بها “جبهةً” أخرى في الصراع.

في دراسته النقدية حول العمل العسكريّ الفلسطينيّ، يُلَخّص يزيد خلف أهمّ الإشكاليات التي واجهت الخلايا الفدائية في الداخل المحتل، بدءاً من حجمها الكبير، ومحاولتها بناء الشبكات الواسعة المترابطة، إضافةً إلى عدم اتّخاذها إجراءاتٍ أمنيةً كافيةً، في حين لم تبذل القيادة الفلسطينية جهوداً كافيةً لمعالجة هذه الأخطاء وتحسين أداء العاملين في الميدان، فضلاً عن تخفيف حجم الاستنزاف في صفوف فدائيّي الداخل أمام حملات الاعتقالات والملاحقات الصهيونية. [8]

عدا عن ذلك، كانت الخسارة الأقسى للقوات الفلسطينية جرّاء الحرب الأهلية سقوط أكثر من 900 مقاتلٍ مُضافاً إليهم آلاف المصابين والجرحى، [9] في معاركَ خَطّت بالدم حدوداً ورسمت تقسيماتٍ جديدةً في لبنان، لتصبح لاحقاً مدخلاً للولوج الصهيونيّ إلى المنطقة وبنائه قاعدةً على التناقضات الحزبية والخلافات المتفشّية في البلاد لصالح خلق عملاء وميليشياتٍ مواليةٍ له.

خسارة الشريط الحدوديّ

تكثّفت، إثر اندلاع الحرب الأهلية، مساعي مخابرات وجيش العدوّ لفتح قنوات اتصالٍ مع وجهاء وأهالي القرى الحدودية جنوب لبنان، وبات الحلم الذي باح به “ديفيد بن غوريون” يوماً، والمتمثّل بـ”ضابطٍ لبنانيٍّ يحقّق لـ “إسرائيل” حلمها بالسيطرة على الأراضي حتى نهر الليطاني”،  قريباً من التحقُّق، رغم أنّ اندفاع بعض عسكريّي “القرى المسيحية” للاتصال بالعدوّ الصهيوني كان يسير بعكس رغبة غالبية الأهالي الذين رفضوا التعاطي مع مبادرات دولة العدوّ تحت شعاراتٍ مختلفةٍ من قبيل “تقديم مساعداتٍ إنسانيةٍ أو تسويق منتجاتٍ زراعيةٍ” وغيرها، إلا أنّ هؤلاء العسكريّين قاموا بتخويف الأهالي من القوى الفلسطينية وحلفائها، واستغلّوا التناقضات والاختلافات التي اتّسم بها الواقع والتاريخ الاجتماعيّ للمنطقة ليؤسّسوا قاعدةً لهم فوقها. [10]

ارتأت القيادات الإسلامية والمسيحية في قرى وبلدات الجنوب ضرورة تعزيز السلم والأمن في المنطقة بما يدرأ عنها ويلات الحرب التي استعرّت في مناطق لبنانيةٍ أخرى، لكنّ هذا الهدوء لم يطُل كثيراً إثر دخول عناصرَ من خارج المنطقة الحدودية تربطهم علاقاتٌ بحزب الكتائب، أحد الأطراف الأساسية في الصراع مع الثورة الفلسطينية وحلفائها. وصاحب ذلك علاقات مُعلنة مع دولة الكيان، ومخابراتها فيما بعد، ليصبح ما كان يوماً مخفياً متداولاً على العلن، فضلاً عن التمويل والإمدادات المادّية عبر الحدود، والتي بدأت بعد لجوء ميليشياتٍ من بلدة القليعة الحدودية إلى جيش العدوّ ليزوّدها بالسلاح اللازم لمواجهة قوات “الجيش العربيّ” المُنشقّة عن الجيش اللبناني إثر اندلاع الحرب الأهلية. [11]

وفي 23 كانون الثاني 1977، بدأت المواجهة العسكرية الأولى لعملاء الاحتلال بتقدُّم قوات الضابط العميل “سعد حداد” (نواة ما أصبح يُعرف لاحقاً بـ “جيش لبنان الجنوبي”) من داخل مستوطنة “مسغفاف عام” إلى بلدة الطيبة واحتلالها.  ويمكن تفسير سقوط البلدة السريع بيد العملاء بسبب خضوعها جغرافياً لمرتفع مستوطنة “مسغاف عام” الذي يسيطر عليها من ناحية الشرق، لكن العامل الحاسم يعود، أساساً، لحالة الانقسام المحليّ، والتي عمّقتها الإشاعات التي بثّها العميل “روبين عبود” [12] عن نيّة القوات الفلسطينية احتلال البلدة.

مرةً أخرى، فرضت هذه التعقيدات والدعم الصهيونيّ لمليشيات العملاء في الجنوب، بإشرافه عليها وتوفير العتاد والتدريب وتدخله العسكريّ المباشر في عددٍ من الاشتباكات، على الثورة الفلسطينية الدخولَ في معارك داخل ما يُمكن اعتبارها ساحة انطلاقها إلى داخل الأرض المحتلة، في ظلّ تورُّطها بمواجهاتٍ مع الجيش السوريّ والقوات المسيحية اللبنانية في غير ذي موقعٍ في لبنان.

مع توقيع اتفاق الرياض في 21 تشرين الأول عام 1976، والذي قضى بوقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة في الصراع الأهليّ الدائر في لبنان، دفع الشهيد خليل الوزير “أبو جهاد” بقوةٍ عسكريةٍ من السرية الطلابية “الجرمق” نحو بنت جبيل لمواجهة ميلشيات العملاء بقيادة حدّاد والرائد سامي شدياق. في حين كانت قوات القطاعين الأوسط والغربيّ لحركة فتح، بقيادة الشهيدين بلال الأوسط وعزمي الصغير، والمكلّفة بالدفاع عن المنطقة، منشغلةً في شرق صيدا في مواجهةٍ ضدّ القوات السورية هناك. [13]

بعد وصولها بنت جبيل، تمكّنت القوات الفلسطينية – اللبنانية المشتركة من استعادة عدّة مواقعَ من قوات حدّاد، شملت بلدة مارون الراس الاستراتيجية التي ترتفع 940 متراً وتشرف على مستوطنة “أفيفيم”، إضافةً إلى بلدة صالحة المُهجّرة، والتي توفّر لمن يحتلّها سيطرةً بالنار على بنت جبيل والمنطقة الممتدّة حتى بلدة بيت ياحون، وكان “يميّز” هذه القرية انقسامها بين عائلتين متنافستين ارتبطت إحداهما بالحركة الوطنية، في مقابل توجُّه عددٍ من أبناء الأخرى للتعامل مع المخابرات الصهيونية. [14]

أدركت المقاومة الفلسطينية أنّ الصراع في القرى الحدودية سياسيٌّ واجتماعيٌّ أكثر من كونه عسكرياً، فعملت بعد وصولها على توقيع ميثاق شرفٍ بين العائلتين في مارون الراس لإبقائها على الحياد ومنع أيٍّ طرفٍ من دخولها، لعلم المقاومة بأهمية موقعها الاستراتيجي لمن يسيطر عليها.

في المقابل، كانت مبادرة العمل الميدانيّ من ناحية التخطيط والفعل بيد الجيش الصهيونيّ. أما القوات المشتركة فغالباً ما تحرّكت بناءً على ردّات الفعل، وكانت النتيجة غلبةً للصهيونيّ وعملائه، إذ تدخّل الأول لحمايتهم بشكلٍ مباشرٍ، وصولاً إلى اجتياح آذار عام 1978، حيث دُشّن مشروع الشريط الحدوديّ بشكلٍ متكاملٍ على الأرض، توّجهُ إعلان العميل حداد ولادة ما أسماها “دولة لبنان الحر” خلال مؤتمرٍ صحفيٍّ عُقِد في مستوطنة “متولاه”. [15]

وظّف العدوّ الصهيونيّ كلّ ما يمكنه ليصل إلى واقعٍ يحرم القوات الفلسطينية من بناء قواعد لها في المنطقة، والضغط عليها من خاصرتها والدفع بها خارجاً. وفي سبيل ذلك، استثمر العدوّ النزاعات المحلية في التخويف من الانتشار العسكريّ الفلسطينيّ، والترهيب من تجاوزاتٍ قد ترتكبها مجموعاتٌ فدائيةٌ بحقّ الأهالي، فضلاً عن إقبال جهاتٍ معيّنةٍ نحو التعاون مع المخابرات الصهيونية تبرّعاً في سبيل خلق بؤرٍ أمنيةٍ لصالحها، عدا عن سياسة التهجير التي أفرغت عشرات القرى الجنوبية بفعل القصف والمعارك.

الاتجاه نحو التجييش واقتناء السلاح الثقيل

انعكس توجُّه منظمة التحرير وحركة فتح نحو مأسسة عملها، وترسيخ الشكل “الدولانيّ” في بنيتها وتقسيم وحداتها العسكرية بما يشبه الآلية المتّبعة في الجيوش النظاميّة، على اقتنائها للأسلحة الثقيلة؛ فحازت المدفعية بمختلف أنواعها، ودبابات (T34) الروسية التي خرجت عن الخدمة بعد الحرب العالمية الثانية. عزّز الهدوء الذي ساد على جبهات القتال العربية مع فلسطين المحتلّة من هذا التوجّه، ما أدّى إلى تراجُعٍ عامٍ في العمل العسكريّ الجادّ في تحقيق الشعار الذي انطلق لأجله، وهو “تحرير كامل التراب الفلسطينيّ”، في حين ساهمت المأسسة التي لحقت بالثورة الفلسطينيّة بدفع قياداتها المتنفّذة لخوض عملياتٍ عسكريّةٍ لتحقيق أهدافٍ سياسيةٍ، لا تندرج ضمن برنامج تحرّر شاملٍ.  [16]

شكّل العام 1971 البداية الفعلية لتأسيس كتيبة مدفعيةٍ فلسطينيةٍ، تزامناً مع توجّه فتح نحو “تجييش” قوّاتها ووحداتها، وليبدأ رفدُها، بعد سنواتٍ من تأسيسها، بضباطٍ وعناصر يمتلكون خبراتٍ عسكريةً حصلوا عليها خلال عملهم في الجيش الأردنيّ. كما ساهم انشقاق الضابط أحمد الخطيب  [17] عن الجيش اللبناني، خلال الحرب الأهلية، بمدّها بمدافع “هاوتزر” من عياريْ 122 ملم و155 ملم، ومدافع من عيار 130 ملم مثبتةً على المصفّحات، بالإضافة إلى مدافع مضادّةٍ للطائرات، وغيرها من الأسلحة المُضادّة للدروع. [18]

ومع عودتها إلى العمل العسكريّ، كشفت المعارك التي خاضتها منظمة التحرير أنّ سلاح المدفعية الفلسطينيّ قدّم مساهمته القتالية الأكبر حين كان القتال في مناطق آمنةٍ، بينما أُصيب بالشلل حين أضحت الوحدات المُشرفة على الأسلحة مضطرّةً للانتقال المستمرّ، أو في حالات تعرّضها لهجومٍ مباشرٍ من مدافع العدوّ أو طائراته. [19]

 وقد رافق التوجّه الفلسطينيّ لاقتناء الأسلحة الثقيلة ميلاً للعمل ضمن تشكيلاتٍ قتاليةٍ كبيرةٍ، رغم أنّ طبيعة المواجهة مع الجيش الصهيونيّ، بما يملكه من قدراتٍ تكنولوجيةٍ وماديةٍ كبيرةٍ، تتطلّب العمل ضمن وحداتٍ صغيرةٍ خفيفة التسليح، تُجيد المناورة والقتال من خلف خطوط العدو وتسديد الضربات لعصب قواته. [20]

وفي سياقٍ متّصلٍ، يردّ القائد العسكريّ السابق في الجبهة الشعبية، ماهر اليماني، على شكاوى مقاتليه في القواعد المنتشرة من الساحل اللبنانيّ إلى الحدود مع فلسطين المحتلة، حول ضعف تسليحهم مقارنةً بـ”فتح”، قائلاً: “نحن مقاتلو حرب عصابات، ونتحرّك دوماً بخفّةٍ، أمّا الأسلحة الثقيلة والمتوسّطة فإنّها تعوِّق حركتنا”. [21]

ويضيف: “يومها، اتّخذتُ قراراً بعدم تثبيت القواعد العسكريّة في مواقعها لفتراتٍ طويلةٍ؛ إذ إنّها تكون عرضةً لطيران الاستطلاع المُتواتر وللقصف الدقيق كنتيجةٍ لتحصيل المعلومات والتجسّس المُعادي”. كما تمثّلت إحدى أهمّ الإشكاليات التي خلقها تحوّل التنظيم العسكريّ الفلسطينيّ مع نهاية الستينيّات إلى تشكيلات القوى الكبيرة، بتراجع امتلاك المقاتل الفلسطينيّ لبديهيّات تنفيذ العمليات الفدائيّة؛ من مثل الرصد والتخطيط والتنفيذ واستخلاص العبر، وهو ما نجحت به الخلايا التي شاركت في شنّ عملياتٍ ضدّ القوات الصهيونية في لبنان بعد الاجتياح. [22]

وعدا عن ذلك، تعدّ الأسلحة الثقيلة عالية التكاليف، على المستوييْن البشريّ والماديّ، وتتطلّب إجراءاتٍ لتحصينها وحمايتها. ورغم اتخاذ القوات الفلسطينية إجراءاتٍ شبيهةً قُبيل الحرب لتأمين مواقع المدفعية، بما يشمل التمويه وحفر الخنادق وغيرها، تمكّن العدو، بما استخدمه من قصفٍ مكثّفٍ من الطيران، من تدمير معظمها. [23]

أمّا تشكيلة الأسلحة المدفعية ومضادّات الدروع التي حصلت عليها المنظّمة من الدول العربية والاشتراكية الصديقة، فلَم تقدّم أيّة إضافةٍ نوعيةٍ في مواجهة القوات الصهيونية الغازية في لبنان، باستثناء المعارك التي اعتمدت استخدام قاذفات (RPG) بشكلٍ أساسيٍّ، وتسبّبت بإعطاب آليات العدو وعرقلة تقدّمه في عدّة محاور في خلدة – المدخل الجنوبيّ لبيروت، وقبلها في عين الحلوة وصيدا وغيرها، وكذلك خلال حصار بيروت؛ إذ كان للمضادّات الأرضية دورٌ مهمٌّ في مواجهة طائرات العدوّ. [24]

وفي خطوةٍ احترازيةٍ، عمد العدوّ منذ بداية الاجتياح إلى التشويش على شبكة الاتصالات الخاصّة بالوحدات المدفعيّة الفلسطينية واستهدافها بقوةٍ ناريةٍ كثيفةٍ، ممّا أحدث إرباكاً كبيراً في صفوفها، فوجّه قائدها أمراً اضطرارياً بإحراق مرابض المدفعية والتحوّل إلى مجموعاتٍ قتاليةٍ على الأرض؛ بحيث تتحرّر هذه المجموعات، إلى حدٍّ ما، من المسؤولية تجاه مواقعها الثابتة. [25]

الجبل في مواجهة الساحل  [26]

فُرِضت على القوات الفلسطينية إبّان اجتياح لبنان عام 1982 ما أسماها الخبراء والمختصّون “حرب الساحل”، وهي من أصعب الحروب؛ إذ تضيق فيها المساحات إلى ما يقلّ أحياناً عن 100 مترٍ، ويتمّ خلالها حصار القوات المنتشرة على الشريط الساحليّ من الجبال بالمدفعيّة، وبالبوارج البحريّة من الجهة الأخرى. [27]

اضطُرّت القوات الفلسطينية إلى مواجهة القوات الصهيونية المتواجدة ناحية الساحل، بعد أن حُرمت من الانتشار في مناطق جبل لبنان وعاليه وجزين، والتي أوكِلت العهدة العسكرية فيها آنذاك إلى الجيش السوريّ، وفي منطقة الشوف الاستراتيجية الموكلة إلى الحزب العربيّ الاشتراكيّ، عدا عن افتقار القوات الفلسطينية لـ”طوربيدات” [28] تواجه بها البوارج الحربية الصهيونية.

أتت وقائع الاجتياح بما كانت تخشاه قيادة منظمة التحرير، والتي كثّفت لقاءاتها خلال الشهور السابقة للحرب مع قياداتٍ سوريّةٍ، مُحذّرةً من اجتياحٍ قريبٍ، [29] وما يستلزمه من استعداداتٍ عسكريةٍ وميدانيةٍ.  فقد اختارت القوات السورية الدخول في تهدئةٍ بواسطة المبعوث الأمريكيّ “فيليب حبيب”، بعد معارك طاحنةٍ خاضتها في أكثر من موقعٍ، فيما اكتسحت القوات الصهيونية مناطق جبل لبنان وعاليه وكيفون بشكلٍ سريعٍ ومفاجئٍ، وباتت بيروت تحت مرمى النيران. ولو أنّ العدوّ أخفق في التقدّم عبر سلسلة جبال لبنان الوسطى، لكان من الممكن أن تُحجم قواته عن محاصرة بيروت، ولأصبح في وسع منظمة التحرير أن تحتاط لمواجهة اندفاع القوات الصهيونية عبر مناطق انتشار قوات الأمم المتحدة. [30]

وبالعودة إلى الوراء، نشبت مواجهةٌ في صيف العام 1981 بين قوات الثورة والجيش الصهيوني، عُرِفت بـ”حرب المدفعية”، وتركّزت بشكلٍ أساسيٍّ على القصف المتبادل بين الوحدات الصاروخيّة الفلسطينية وطيران الاحتلال وبحريّته ومدفعيّته، وقد تمكنت المقاومة من فرض منع تجوّلٍ على مستوطنات شمال فلسطين، وأبدت أداءً عسكرياً مُهماً، قبل أن يتدخّل المبعوث الأمريكي “فيليب حبيب” وينتهي التصعيد باتفاق تهدئةٍ، عدّته المنظّمه إنجازاً سياسيّاً يعترف بوجودها كطرفٍ مهمٍّ في معادلة الصراع.

لم يكن لإنجاز العام 1981، والمرتكز على سلاح المدفعية، أن يتحقق إبّان اجتياح 82 في ظلّ وجود خطةٍ صهيونيةٍ لاجتياحٍ واسعٍ وبقوةٍ عسكريّةٍ ضخمةٍ تفوق أعداد المقاتلين الفلسطينيّين بعشرة أضعافٍ. وأمام هذا الاختلاف العملاني والميداني، كان من المجازفة الاستمرار بذات الآليات في المواجهة، وهو ما أكّده الشهيد سعد صايل في مقابلةٍ له بعد “حرب المدفعية”، يقول فيها: “كان العدوّ يفرض على الثورة شكلاً مختلفاً من الأداء العسكري في كلّ مواجهةٍ، ممّا فرض عليها التنويع في أسلوب القتال”. [31]

هذا الجمود، إن جاز التعبير، في تغيير التكتيكات وطرائق العمل العسكريّ، عائدٌ ربّما لخللٍ بُنيويٍّ قديمٍ، عزّزه الشكل “السلطويّ” الذي سلكته قيادة الثورة الفلسطينية، على أرضية خطاب “الكيانية السياسية” الذي تحوّل إلى أيقونةٍ في خطابها، وجرى استغلال الذراع العسكريّة في محاولات نزع أو فرض معادلاتٍ سياسيةٍ تخدم طموحات “بناء الدولة” ولو على شبرٍ مُحرّرٍ من الأرض.

في ضوء ما سبق، يمكن الادعاء بأنّ “النقد الذاتيّ” بدا ضامراً في العقل العسكريّ الفلسطينيّ، وإن حضرت خلال النقاشات الداخلية أفكارٌ ومراجعاتٌ للأداء خلال المواجهات السابقة، إلا إنّ تنفيذها في الميدان اصطدم أحياناً بـ”البيروقراطية” التي اتّسمت بها مؤسّسات المنظمة، بما رافق ذلك من بطءٍ في الحركة، والتفرُّد أحياناً في اتخاذ القرارات من المستويات الأعلى في هرم القيادة.

وهنا يُمكن الاستئناس بشهادة القائد الراحل ماهر اليماني مرّةً أخرى، حول ما عاينه ميدانياً خلال اجتياح 1978، وهي المواجهة التي يفترض أنها أنتجت دروساً حَرِيةً بالملاحظة واستخلاص العبر، بما فيها من سماتٍ اقتربت وتشابهت في بعض جوانبها مع حرب 1982، من ناحية دخول القوات الصهيونية لمساحاتٍ واسعةٍ بالجنوب وصولاً إلى نهر الليطاني، مدعومةً بقوةٍ كبيرةٍ من المدرّعات ووحدات المشاة بتغطيةٍ ناريةٍ كثيفةٍ من الطيران والمدفعية.

يُبين اليماني في شهادته التاريخية قرار الجبهة الشعبية سابقاً تفعيلها مجموعاتٍ صغيرةً تتمتع بالاستقلالية والتموين الذاتيّ من السلاح وغيره، وتخوض حرب عصاباتٍ طويلة الأمد خلف خطوط العدوّ، فيما يساندها “لقاؤها مع مجموعاتٍ أخرى، للتشاور والتخطيط والدعم”، فضلاً عن تزويدها بأجهزة اتصالٍ.

وهكذا، بعد أن اضطرّت المقاومة الفلسطينية لسحب معظم وحداتها إلى شمال نهر الليطاني، إثر خوضها عدّة مواجهاتٍ مع القوات الصهيونية الغازية، بقيت المجموعات الصغيرة خفيفة التسليح تقاتل في أكثر من موقعٍ قرب البازوريّة والبرج الشماليّ وبرج رحال، وفي مدينة صور وبلدتها صديقين.

يقودنا هذا لتساؤلاتٍ حول مدى استفادة القيادة العسكرية والسياسية الفلسطينية من الدروس والعبر التي أفرزتها تجربة المواجهة في العام 1978، فهل كان هناك توجّهٌ نحو تغيير طبيعة التشكيلات الميدانية للثورة، إلى حجمٍ أخفّ وحركيةٍ أعلى للعمل خلف خطوط العدوّ وضربه بما يشبه المصائد؟

في الوقت الذي حقّقت فيه القوت الصهيونية تقدُّماً سريعاً ومناوراتٍ في الميدان، بما تملكه من تفوقٍ عسكريٍّ لا يمكن مقارنته بالإمكانيات العسكرية الفلسطينية، لم تتدخّل قيادة منظمة التحرير بشكلٍ فاعلٍ في مسار الأحداث إلا بعد وصول المعارك حتى المشارف الجنوبيّة لبيروت، فحشدت قوات الاحتياط خاصّتها وأتمّت خطوط الدفاع واستطاعت صدّ تقدم قوات العدوّ على أكثر من محورٍ، وذلك بفضل الصمود الأسطوريّ الذي أبداه المقاتلون من كافّة فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية على مثلث خلدة، بقيادة الشهيد القائد عبد الله صيام، الأمر الذي ساهم بتأخير حصار بيروت، وأعطى المنظمة فرصةً لالتقاط أنفاسها. [32]

وفي حين أبدت الوحدات العسكرية في الميدان أداءً جيداً، فشلت قيادات الوحدات المناطقية والكبيرة في التعامل مع الوضع الناشئ، ولا سيّما في الجنوب، خلال الأيام الثلاثة أو الأربعة الأولى من الحرب. [33]

كان الخلل في تركيب التنظيم العسكريّ الفلسطينيّ من العسير علاجه خلال الحرب. وبفضل الأداء الجيّد للوحدات العسكرية التي وضعت خططاً للطوارئ قُبيل الحرب، تمّ استدراك هذا الخلل، بعكس الوحدات التي أُخِذت على حين غرّةٍ وفقدت تماسكها فيما بعد. [34]

وفي أكثر من قطاعٍ، يمكن إرجاع الإخفاقات العسكريّة للمنظمة، فضلاً عن بعض الأخطاء السياسية التي ارتكبتها قيادتها، إلى مشاعر الغضب التي حملها جزءٌ من المجتمع اللبنانيّ تجاه المنظمة تبعاً لأسبابٍ متعدّدةٍ، بالإضافة إلى علاقتها المتوترة مع النظام السوري. [35]

ممّا يجدُر ذكره، أن ثمّة معلوماتٍ استخباراتيةً تسرّبت من عدّة مصادر للقيادة الفلسطينية، قُبيل الحرب بشهورٍ، حول وجود مخطّطٍ صهيونيٍّ جاهزٍ لاجتياح لبنان وصولاً إلى بيروت. وفي حين استبعد جزءٌ من القيادة الفلسطينية إقدام الجيش الصهيونيّ على حصار بيروت فعلاً، كثّف الرئيس ياسر عرفات من تحذيراته وزياراته لمواقع القوّات، والتي كثّفت بدورها تدريباتها استعداداً للمواجهة القادمة.

إلا إنّ الأزمة في التنظيم العسكريّ كانت قديمةً وبنيويةً، ومن الصعب معالجتها في وقتٍ قصيرٍ وإن توفّرت الإرادة لذلك، وخاصّةً في ظلّ تكرار عددٍ لا بأس به من الأخطاء التكتيكية وتلك المتعلقة بتسليح الوحدات، لا سيّما أن جزءاً من القوات عاد لامتلاك الأسلحة الثقيلة التي أظهرت تجربة 82 سلبيات الاعتماد عليها.

ختاماً،

ظنّت بعض قيادات منظمة التحرير أنّ صمودها خلال الحرب سيعطيها مساحةً للمناورة والبقاء ودرء الخطر الذي يهدّد “الكيان” الذي شيّدته طوال سنواتٍ من الزوال، ويفرضها كممثلٍ مُعترفٍ به أمريكياً بعد أن حقّقت قبولاً دولياً فيما سبق، الأمر الذي سيحقّق لها الحصول على دولةٍ ضمن عمليةٍ سياسيةٍ كانت تلوح في الأفق آنذاك.

كما كانت المواجهة عام 1982، كحال الحروب في التاريخ، اختباراً “قاسياً” للمنظومات السياسية والعسكرية التي أوجدتها منظمة التحرير، وما أصابها من خللٍ وعيوبٍ طوال سنواتٍ، وبما وفّره “الشكل الدولاني” استناداً لفكرة “الكيانيّة” التي تملّكت العقل السياسيّ الفلسطينيّ من ذراعٍ يمكن للعدوّ إمساكها منها والضغط عليها، وصولاً لفرض شروطٍ وأوضاعٍ تقودُ إلى إضعافها وإبعادها عن المشروع الأساسي بتحرير كامل التراب الوطنيّ.

******

الهوامش

[1] هلال، جميل، (2017) يوميات حصار بيروت صيف عام 1982، مكتبة كل شيء.
[2] يمكن تعريف الكيانية بأنه بناء المؤسسات السياسية والعسكرية بما يشبه الدول ونظامها، للمزيد حول المفهوم وانعكاساته على سلوك منظمة التحرير، راجع كتاب “الكفاح المسلح والبحث عن الدولة”، ليزيد صايغ.
[3] صايغ، يزيد (2002) الكفاح المسلح والبحث عن الدولة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية ص243،298
[4] مرجع سابق.
[5] الخالدي، رشيد (2018) تحت الحصار، صناعة القرار في منظمة التحرير الفلسطيني خلال حرب 1982، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ص60
[6] مرجع سابق.
[7] وردت هذه الشهادة التاريخية في حلقة من برنامج حكاية ثورة، للمشاهدة من هنا.
[8] خلف، يزيد، مجلة شؤون فلسطينية (1985) حول التفكير العسكري الفلسطيني.
[9] صايغ، يزيد (2002)
[10] جابر، منذر (1999) الشريط اللبناني المحتل، مؤسسة الدراسات الفلسطينية ص50،56،115.
[11] مرجع سابق.
[12] روبين عبود: قائد القطاع الأوسط في ميلشيا العميل أنطوان لحد خلال فترة الاحتلال الصهيوني لجنوب لبنان.
[13] الطاهر، معين (2017) تبغ وزيتون، حكايات وصور من زمن مقاوم، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ص94،95
[14] مرجع سابق.
[15] جابر، منذر (1999)
[16] خلف، يزيد (1985)
[17] أحمد الخطيب: ضابط لبناني، انشق عن الجيش خلال الحرب الأهلية اللبنانية وتحالف مع قوات الثورة الفلسطينية وأطلق على قواته اسم “جيش لبنان العربي”.
[18] مقابلة مع أبو الرائد زكريا أحد ضباط المدفعية الفلسطينية، أجراها الأستاذ عوني فارس.
[19] خلف، يزيد (1985)
[20] مرجع سابق.
[21] اليماني، ماهر، في أتون الحرب الأهلية واجتياح 1987، مقابلة مع مجلة الآداب، رابط 
[22] مرجع سابق.
[23] خلف، يزيد (1985)، مجلة شؤون فلسطينية.
[24] مرجع سابق.
[25] مقابلة مع أبو الرائد زكريا، أحد ضباط مدفعية الثورة الفلسطينية، أجراها عوني فارس. للقراءة من هنا
[26] فكرة العنوان مأخوذة عن عنوان كتاب الأستاذ سليم تماري: الجبل ضدّ البحر.
[27] خطاب للشهيد صلاح خلف يتحدث فيه حول حرب الساحل، للمشاهدة من هنا
[28] مقابلة أبو الرائد زكريا.
[29] الطوربيدات: قاذفات أو صواريخ مصمّمة لاستهداف السفن.
[30] صايغ، يزيد، مجلة الدراسات الفلسطينية (1992)، بين الجهوزية والمفاجأة، الاستعدادات الفلسطينية لحرب 1982.
[31] مرجع سابق.
[32] مقابلة أجرتها مجلة شؤون فلسطينية مع الشهيد سعد صايل بعد حرب المدفعية في العام 1981.
[33] الخالدي، رشيد (2018).
[34] مرجع سابق.
[35] مرجع سابق.