باب الواد - نسخة تجريبية

نود إعلامكم أن هذا الموقع حالياً في المرحلة التجريبية. نعمل على تحسينه وتطوير خدماته، وقد تطرأ بعض التغييرات خلال هذه الفترة. شكراً لتفهمكم ودعمكم.

باب الواد
٢٠١٦/٠٥/١٢

باب الواد

وباب الواد مفتاحُ القدس، ما أراد قومٌ جاؤوا القدس من غربها غزاةً إلّا وصدمهم أهلُ البلاد فيه. وباب الواد عقدةُ خطوط مواصلات فلسطين، والنّاظرُ إليه كأنه يرى قلبًا خرجت منه الشّرايين إلى كلّ أنحاء البلاد. كأن الله قد خلق فلسطين مبتدئًا من تلك البقعة، ففيه تتفرع الطرقُ إلى القدس ورام الله التي توصل إلى جبل نابلس وجليلنا، وفيه طريقٌ إلى اللد والرملة اللتين توصلان إلى كلّ السّاحل، وطريق بيت جبرين التي توصل إلى الخليل وبئر السّبع، وطريق غزة، وطريق عرطوف.

وكأنّ لا واد إلّا واد عليّ، ليلصق به أهل الشام "الـ التعريف"، فإن نَطقت وقلت "الواد" فالمقصود وادي عليّ دون غيره. وعليّ هذا رجلٌ متصوفٌ مات ودفن في ذلك الواد، ولا نحسبه إلا رجلاً زاهداً مقاتلاً مات في رباط في ذلك الثغر. وإنْ كان لكلِّ وادٍ باب، فلا بابَ كبابِ واد علي، عميقٌ وضيّق، ومنه تنبثقُ سلسلةُ جبال القدس إلى يافا والبحر المتوسط.

وباب الواد مفتاحُ القدس، ما أراد قومٌ جاؤوا القدس من غربها غزاةً إلّا وصدمهم أهلُ البلاد فيه. وباب الواد عقدةُ خطوط مواصلات فلسطين، والنّاظرُ إليه كأنه يرى قلباً خرجت منه الشّرايين إلى كلّ أنحاء البلاد. كأن الله قد خلق فلسطين مبتدئًا من تلك البقعة، ففيه تتفرع الطرقُ إلى القدس ورام الله التي توصل إلى جبل نابلس وجليلنا، وفيه طريقٌ إلى اللد والرملة اللتين توصلان إلى كلّ السّاحل، وطريق بيت جبرين التي توصل إلى الخليل وبئر السّبع، وطريق غزة، وطريق عرطوف.

فيه اصطدم أهلُ البلاد بقبائل بني إسرائيل، ومنه مرّ الفراعنةُ إلى الشّام وصدمهم أهل البلاد هناك، ومنه مرّ اليونان والرومان، وفيه اقتتل القائدُ الرّومانيّ "كستسوس غالوس" (عام 66 ميلادي) مع أهل البلاد، وفيه ترك لنا الحاج سايلوف (1102 م) وصفاً لمقاومة أهل البلاد للغزو الصّليبي لبلادنا، فجثث الصليبيين كانت تملأ الطريق وما تجرأ أحدٌ على دفنهم خوفاً من أن تذيقهم المقاومة ويلات ضرباتها في باب الواد.

وفي تلاله رابط المسلمون في الفتح الأول، وهناك صلّى عمر بن الخطاب، وعلى مدخله الغربيّ بنى المسلمون مدينة الرملة لتصد عن مفتاح القدس، وعمّر طريقه الأمويون، وفيه صدّ صلاح الدين حملة ريتشارد قلب الأسد عشرة أشهر (1191 -1192)، وكسر الحملة الصليبية فيه حتى ارتد ريتشارد على عقبيه، فطاردناه إلى السّاحل. وفيه أشدّ معارك العثمانيين مع الإنجليز في فلسطين في الحرب العالمية الأولى.

وفيه وُضعت أحكمُ كمائننا في ثورتنا المجيدة في العام 1936، وفي باب الواد عرف المشروعُ الصّهيونيُّ أصعب لحظاته في فلسطين في حرب 1948، وذلك عندما حوصرت الأحياءُ اليهودية في القدس، وفُصِلَت عن مركز الثقل والإمداد الصّهيوني في تل أبيب، فكتب "بن غوريون " في مذكراته "المشروع الصهيوني يترنّح عند باب الواد".

تعمّد الوادي بدمائنا، وفي بابه اختلطت دماءُ أمتنا؛ بلادُ الشّام مع عراقنا ويمننا وجزيرتنا وواد النيل ومغربنا، وهناك وقف بجانب العرب ثوارُ أمتنا الإسلامية من ترك وفرس وسند وهند فقاتلوا واستشهدوا دفاعاً عن قدسنا، ووقف بجانبهم أحرار العالم ليقاتلوا ويستشهدوا أفارقةً ولاتينيين وسلافيين.


عن الكاتب
باسل الأعرج
كاتب
اقرأ للكاتب
وسوم ذات صلة
شارك المقال على مواقع التواصل الاجتماعي
اقرأ/ي أيضًا
دقيقة قراءة • ٢٠١٩/٠٥/٢٩
حَرَم الأمّهات
كانت عصا الشيخ زكريا "تُطقطق" في طرقات القرية، وهو في طريقه إلى المسجد ليرفع آذان المغرب، عندما جاءت زينب إلى أمّي تشكو إليها هيجان وجع الحرمان من الو...
دقيقة قراءة • ٢٠١٦/٠٥/١٤
الخروج عن القانون والدخول إلى الثورة
ركض الناسُ على صوت الرصاص. تدخّلوا في المعركة، لم يسألوا لماذا وكيف. أبناء البلد في معركةٍ مع الفرنسيين، كلُّ شيءٍ إذن واضحٌ، وكلُ شيءٍ يصير حتى لو كا...
دقيقة قراءة • ٢٠٢٠/١٠/١٢
استعمار الجنوب: ديار بئر السبع في مواجهة المخططات الاستعمارية
توطئة تسعى هذه الورقة إلى دراسة السياسات الصهيونيّة المعمول بها في ديار بئر السبع بغيةَ إحداث تحولاتٍ جيوسياسيةٍ وديموغرافية، من خلال تناول أهم المخطّ...

جميع الحقوق محفوظة، متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي .
اشترك في نشرتنا البريدية لتصلك آخر التحديثات.
اشتراك
يتوجب نسب المقال إلى "باب الواد"، كما يحظر تعديل النصوص أو استخدامها لأغراض تجارية، ما لم يرد تصريح غير ذلك.