تسلّط هذه المقالة الضوء على المقاومة والمجاهدين في منطقة المثلث* من مدن طولكرم وجنين ونابلس، والقرى فيما بينها والمجاورة لها؛ من خلال إبراز الشخصيات القيادية وأدوارها في النضال ضدّ نهب الأراضي، وممارستها العسكرية والتنظيمية في الثورة، والمرور على المعارك التي حدثت في هذه المنطقة. كما تتيح لنا المقالة فهم المُجريات والمتغيّرات في سياق البنية الاجتماعيّة، مثل الأوامر والمذكّرات الانتدابية وتفاعلها في صياغة البنية الاجتماعيّة من خلال الإعدامات، وقمع العمال والإضرابات، وأيضاً الاستيلاء على المدارس ونسف البيوت، في محاولةٍ لإعادة الهيمنة على الفلسطينيين بالمنطقة في فترات الثورة وما بعدها.
توطئة
الثورة هي فصولٌ اجتماعيةٌ ونفسيةٌ جماعيةٌ يعيشها المُجتمع الثائر، مقاطعُ في النضال والتربية والصراع والمعارك، هي جزءٌ من قصص وفصول الرواية الفلسطينية الجماعية. من وهب الحياة لهذه الرواية والمقاطع هم الفلاحون وتنظيماتهم والخلايا المسلّحة والقساميون في القرى وقضاء المدن.
في هذه المقالة، سأسلّط الضوء على المقاومة والمجاهدين في منطقة المثلث* من مدن طولكرم وجنين ونابلس، والقرى فيما بينها، والمجاورة لها؛ من خلال إبراز الشخصيات القيادية وأدوارها في النضال ضدّ نهب الأراضي، وممارستها العسكرية والتنظيمية في الثورة. كما سأتناول تاريخ المعارك التي اندلعت في هذه المنطقة، توازياً مع فهم المجريات والمتغيّرات في سياق البنية الاجتماعيّة، مثل الأوامر والمذكّرات الانتدابية وتفاعلها في صياغة البنية الاجتماعيّة من خلال الإعدامات، وقمع العمال والإضرابات، وأيضاً الاستيلاء على المدارس ونسف البيوت، في محاولةٍ لإعادة الهيمنة على الفلسطينيين بالمنطقة في فترات الثورة وما بعدها. هنا بعضُ فصولها.
الفصل الأوّل: الفلاح والكابوس المُثلث
“في ظلّ انسحاق الفلاح العربي بين كابوسٍ مُثلث: الغزو الصهيوني للأرض، والمُلكية الإقطاعية العربية، وفداحة الضرائب التي تفرضها حكومة الانتداب، فإن التحدي الذي يأخذ مكان الصدارة، هو التحدي القومي.” [1]
منذ عام 1929 بدأت التشكّلات الموضوعية للثورة، عبر عدّة خطواتٍ قامت بها الإقطاعية العربية والصهاينة والانتداب البريطاني؛ ففي البدايةِ استولى الصهاينة على مليون دونمٍ تقريباً، ما يعني ثُلث الأراضي الزراعيّة، ما أفقر الفلاحين وأفقدهم وسائل إنتاجهم، واضطرهم، حينها، إلى العمل المأجور، بعد فرض الضرائب القاسية والمُرهقة عليهم من قبل حكومة الانتداب، فضلاً عن الملكيّة الإقطاعيّة على غالبيّة الأراضي والنهب الصهيوني للأرض. في ظلّ كلّ هذه الظروف، أخذ الصراع أبعاداً قوميّةً، وقف خلالها الفلاح في وجه حياته وسكونه وعمله؛ ثلاثة أطرافٍ اجتماعيّةٍ تطمح في سحقه [2]، وذلك في وقتٍ كان يبيع فيه الإقطاعيُّ الأراضي للصهاينة، في مرج ابن عامر لوحدهِ بِيع ما يُقارب 240 ألف دونمٍ من أراضي عائلةٍ إقطاعيةٍ (آل سرسق) إلى الصهاينة، وتمّ طرد الفلسطينيين بعد إتمام البيع.
كان إبراهيم طوقان واعياً لذلك، ومن الأوائل الذين استخدموا الشعر كأداةٍ للتسييس والوعي، عن العلاقةِ بين المُلاك الإقطاعيين والصهاينة:
باعوا البلاد إلى أعدائهم طمعاً
بالمال، لكنّما أوطانهم باعوا
قد يُعذرون لو أن الجوع أرغمهم
والله ما عطشوا يوماً ولا جاعوا [3]
فيما بدأت حكومة الانتداب بسنّ قوانين لصالح النهب والاستيطان الصهيوني وتحضير أرضيّةٍ خصبةٍ لتشتيت الفلسطينيِّ ومن ثمّ سرقة الأراضي الفلسطينية، مثل حادث وادي الحوارث وقرية شطة [4]. وهكذا، فإنّ الفلاح الفلسطيني واجه المشروع الإمبريالي البريطاني، مشروعٌ قضى بتحويل الاقتصاد الزراعي المشاعي للفلسطينيين إلى إقتصادٍ رأسماليٍّ صناعيٍّ للصهاينة؛ إذ باشر الانتداب في تنفيذ هذا المشروع من خلال الإعفاءات الضريبيّة التي تُمنح للمُهاجرين اليهود، مقابل فرضها على الفلاحين والعُمال.
الفصل الثاني: معركةٌ داخل الطوق
في تاريخ 20 تشرين ثاني 1935 صدرَ بلاغٌ رسميٌّ عن معركة يعبد، التي قضى فيها الشيخ عز الدين القسام ورفاقه شُهداء. جاء في البلاغ الرسمي عن حكومة الانتداب:
“كانت قد تجمّعت في المدة الأخيرة عصابةٌ من الأشقياء في الجهة الشمالية من قضاء نابلس تتنقّلُ بين الجبال، وكان المدعوّ محمد أبو قاسم خلف الذي قتله البوليس في كفرقاد يوم ١٧ تشرين الثاني، أحد أفراد هذه العصابة. وفي فجر ذلك اليوم، أحاطت قوةٌ من بوليس نابلس وطولكرم وجنين بقرية الشيخ زيد (شمال يعبد)، وعلى بُعد عشرة أميالٍ غربي جنين؛ حيث كان الاعتقاد أنّ العصابة متجمّعةٌ هناك، وقد أطلق عليه الرصاص من حُرشٍ قريبٍ.
وعندما تبادلت العصابة الطلقات، تبيّن للبوليس أنه أمام عصابةٍ مسلّحةٍ، وفي أثناء المناوشات التي أخذت شكل عراكٍ مُتنقلٍ، انتهى حوالي الساعة العاشرة صباحاً في أسفل الوادي. وقد قتل أربعةٌ أو خمسةٌ من أفراد العصابة، وقُبض على خمسةٍ آخرين، أحدهم مصابٌ بجراحٍ خطرةٍ، والمعتقد أن هذا يشمل جميع أفراد العصابة، وقد استولى على تسع بنادق وبندقية صيدٍ وبندقيةٍ سريعة الطلقات وكميةٍ من الذخيرة.
وقد قُتل من أفراد البوليس الإنجليزي ر. س. ت. بت وأصيب بوليسٌ إنجليزيٌّ آخر بجراحٍ خفيفةٍ، وعُرف من أفراد العصابة المقتولين: الشيخ عز الدين القسام. والشيخ يوسف عبد الله، وأحمد الشيخ سعيد. وسعيد عطية أحمد. وقيل إنّ أسعد مصلح الحسين قد قُتل، غير أنه لم يُعثر عليه بعد. وقد أصيب نمر حسين السعدي بجراحٍ خطرةٍ وكان هو والشيخ عز الدين القسام الذي اختفى من بيته في أوائل هذا الشهر المنظم والرئيس لهذه العصابة.”[5]
في كتابه “القضية الفلسطينية” يذكر لنا أكرم زعيتر مقاطع من هذه المعركة؛ في البداية انتقلت عصابة عز الدين القسام ورفاقه إلى الأحراش قُرب جنين، يعبد. وبعد اشتباكٍ عَرَضيٍّ، قواتٌ بريطانيّةٌ طوّقت الأحراش وحاصرت العصابة، فبدأت المعركة الاستشهادية، وتمّ قتل جُنديٍّ بريطانيٍّ وإصابة آخرين بجروحٍ بالغةٍ.
ما يجبُ معرفتهُ حيال معركة يعبد، بأنه لم يُخطّط لها كنقطة بدايةٍ للثورة، خروجهم إلى يعبد كان من أجل نشر الدعوة للثورة والتحضير والتخطيط، كانوا قد أعدوا خُطةً للثورة على أربع مراحل: الإعداد النفسيُّ ونشر روح الثورة، وإنشاء حلقاتٍ سريّةٍ، وتشكيل لجانٍ لجمع التبرعات ولجانٌ لشراء سلاح، ولجان تدريب، ولجان أمنٍ وتجسّسٍ، ولجان دعايةٍ وإعلامٍ، وأخرى للاتصالات السياسية، وعندها سوف تكون الثورة المُسلحة [6]. لكنّ الاشتباك أدّى لفضح أمره، فقاتلوا بشراسةٍ وبسالةٍ حتى استشهدواـ وتمّ القضاء على الخُطة باكراً. ولكن صيرورة التاريخ ونضج التناقضات بين الفلاح من جهةٍ، والمستوطن والإمبريالي والإقطاعي من جهةٍ أخرى، جعلا من معركة يعبد نقطة بدايةٍ للثورة الفلسطينيّة الكُبرى.
الفصل الثالث: في طريق طولكرم-نابلس … بداية ثورة
في ذكرى احتلال القدس نهاية عام 1935، اجتمعت آلاف الوفود الوطنية من كلّ أنحاء فلسطين، وأهمّ الشخصيات التي حضرت، عزة دروزة وأكرم زعيتر وجورج مطر، وأيضاً رئيس جمعية العمال ميشل متري، استناداً على أن فلسطين هي نضالٌ وصراعٌ ضدّ الإمبريالية البريطانية، وفي هذه الذكرى والاجتماع تمّت بلورة بوادر وعيٍ ذاتيّةٍ في توجيه النضال استعداداً للثورة، وخاصّةً في تحيّتهم للمُجاهدين في معركة يعبد والشهيد عزّ الدين القسام.
ومّما جاء في استفتاح اجتماعهم: “يُعلن المجتمعون الليلة في اجتماع يافا الكبير المُنعقد لمناسبة الذكرى السابعة عشرة لفجيعة البلاد بكارثة الاحتلال البريطاني، أنّ قضية العرب في فلسطين هي قضية كفاحٍ وصراعٍ بين العرب والإنكليز الذين هم مسؤولون عن كلّ النكبات التي حاقت بالبلاد….والمجتمعون ينتهزون فرصة الاجتماع الكبير ليعلنوا تقديسهم لذكرى البطل الشهيد الشيخ عز الدين القسام وصحبه رحمهم الله، ويدعون الأمة إلى تمجيدهم باعتبارهم قد عبّروا عن سَخَط الأمة الشامل ويحيّون كلّ حركةٍ ترمي إلى كفاح الاستعمار في مصر وسورية والأقطار العربية.” [7]
في 15 نيسان 1936، انطلقت الشرارة الأولى من طريق طولكرم-نابلس. وعلى يد مقاومين عربٍ مسلحين، تمّ قتل ثلاثةٍ من الصهاينة، لتردّ مجموعاتٌ صهيونيةٌ في الليلة التالية بقتل عربيين في مُستعمرة بيتاح تكفا. وهُنا بدأت الأحداث والمُظاهرات والاعتداءات من الجانبين في تل أبيب- يافا. هذا الصدام مع اليهود والصهيونيّة المُسلحة أسّس للعمل والتعاون الشعبيِّ على قاعدة القضيّة الوطنيّة في كلّ فلسطين. كما انطلقت اللجنة القوميّة في نابلس بتاريخ 19 نيسان، هذه اللجنة التي تُمثّل أيضاً القرى المجاورة، لتبدأ على التوالي كذلك اللجان القوميّة بالتشكّل في كلّ فلسطين، في 20 نيسان في القُدس ويافا، وفي 21 نيسان في حيفا. [8]
وهكذا، أدّت العمليّة المسلحة على طريق طولكرم-نابلس لتحريك نضالٍ شعبيٍّ واعٍ، تشكّل من لجانٍ قوميّةٍ في البلدان والقرى. وممّا جاء في بيان انطلاق اللجنةِ القوميّة في نابلس: “واللجنة القومية في نابلس، التي قررت استمرار الإضراب فيها، تناشد المدن الفلسطينية الأخرى استمرار الإضراب فيها حتى يتمّ اجتماع اللجان القومية بعد تأليفها عاجلاً فيكون له حق البتّ في موقف الأمة وأساليب الكفاح المُجدية المقبلة.” [9] وفي الأشهر التالية، تتالت العمليات والهجمات العربية للمُعسكرات والمقرّات البريطانية وللمستوطنات اليهودية.
الفصل الرابع: التربية والإعداد للثورة
إنّ الركيزة الأساسية التي من شأنها تكوين الشخصية الذاتية المُقاومة تكون عبر تفاعلها مع الواقع الموضوعي، بالتربية والمدرسة تحديداً. وممّا جاء في تقرير اللجنة الملكية البريطانية عن علاقات التعليم في تكوين أيديولوجيا ثوريّةٍ وطنيّةٍ:
“إنّ نظام التعليم العربي بأجمعه لا يقلُّ من حيث صبغته العربية المحضة عن صفة نظام التعليم اليهوديِّ المُصطبغ بالصبغة اليهودية، ويكرّس المنهج، كله تقريباً، في الدورين الابتدائي والثانوي للأدب والتاريخ والتقاليد العربية. وجميع معلمي المدارس، من أقل معلمي القرى شأناً إلى مدير الكلية العربية، هم عربٌ… فالنظام الحاضر يخلق من الطلاب ناشئةً مُتحمّسةً للوطنية العربية كلّ التحمُّس. وليس من المنتظر أن يكون في وُسع المعلمين العرب في فلسطين أن يُخمدوا عطفهم على قضيتهم القومية إخماداً تاماً، وإن كانوا من موظفي الحكومة. والأمور التي لها مغزاها، أنّ جميع المدارس العربية أقفلت أبوابها في العام المنصرم خلال الإضراب، وإن كان الموقف الذي وقفه الآباء في ذلك يجب أن يُحسَب حسابه، وأنّ طلبة الكلية العربية التي هي حجر الزاوية في هذا النظام، لم يمنعهم أساتذتهم من كسر نوافذ مدرسةٍ مختلطةٍ في القدس استمرّت في أعمالها، وأنّ جميع المعلمين والموظفين العرب من الدرجة العُليا في دائرة المعارف وقّعوا على المذكرة المؤرخة في 30 حزيران 1936، وأن معلميْن اثنين اعتُقلا في صرفند… يتحتّم علينا مواجهة الحقيقة التالية؛ وهي أنّ بضعة آلافٍ من الشبان العرب يخرجون كلّ سنةٍ من نظامٍ مدرسيٍّ لا بدّ من أن يغذّي الغيرة الوطنية.” [10]
ممّا يؤكد بأن المدرسة هي ركيزةٌ في تكوين الشخصيّات وإعدادها للثورة، أن المدارس شاعت وزاد عدد الطلاب في مناطق طولكرم والقرى المُجاورة، فأصبح عددها ما يُقارب الـ25 مدرسةً، وأيضاً ما يُقارب الثلاثين مدرسةً في مدينة جنين وقُراها المُجاورة. كانت المدرسة في هذه الفترة وهذه المنطقة بالتحديد، تُشكّل شخصيةً وطنيةً عاملةً واعيةً، كنموذج مدرسة الخضوري الزراعية في إعداد أبناء الفلاحين للعمل الزراعيِّ المهنيِّ مثلاً، إذ كان الفلاحون يُقدّمون أراضيَ للمدرسة من أجل هذه المُهمّة، بمعنى أنّ هذه العلاقة مبنيّةٌ على أساس المُلكية المُشتركة، يُقدمون الأراضي بروحٍ تعاونيةٍ للمدرسة كونها تُقدّم لهم خدماتٍ تعليميةً ومهنيّةً في إعداد أبنائهم. وفي غضون الثورة قد استولت عليها العسكرية البريطانية [11].
وفي المدرسة الحكومية، كُتاب طولكرم خاصّةً، ستبدأ سيرة المُقاوم والقائد عبد الرحيم محمد الشيخ … وهُنا نلتمس آثار النظام التعليمي في المدارسة والنزعات الوطنيّة للمُعلمين.
الفصل الخامس: عن القائد والتنظيم
كان القائد عبد الرحيم محمد الشيخ قد تلقّى تعليمه في طولكرم، في المدرسة الحكومية وأيضاً في مدرسةِ الجاندرمة العُثمانية، الأكثرُ اختصاصاً ومهنيةً في الصحّة والطبّ والعسكرية. تنبُع أخلاق القائد ومسؤوليّته وهمّته الثورية العالية تجاه الوطن والأرض من كونه فلاحاً وعائلته تملك أراضيَ وسيعةً في قضاء طولكرم، إذ ساهم تعليمه ومُمارسته للتجارة ومعاشرته للفلاحين والتجّار في القرى والمدن الفلسطينية في صقل شخصيته. كما كان دقيقاً في التخطيط والتنظيم وعلى درجةٍ عاليةٍ من العلم والمنطق، كما يذكرهُ أكرم زعيتر في كتابه “الحركة الوطنية الفلسطينية” (منشورات اليسار/1988). وقد برز في القيادة والتنظيم الشبكيِّ مع باقي المجموعات العسكرية في الثورة، فيما تعاون مع إبراهيم الحاج نصار، وأيضاً مع عبد الحميد المرداوي بتنظيم العمليات والمُرابطة في المواقع الآتية: عقد السبوبة (عنبتا)، المنطار (بلعا)، رأس العين، وادي عزون، كفر صور، بيت إمرين، وقد خاضوا معارك منظمةً: معارك نور شمس قرب وادي عارة، وعنبتا، وبلعا، وبيت إمرين [12].
كانت لدى القائد الشيخ علاقاتٌ مع الأستاذ المُدير شاكر سمارة، أحد المُساهمين في صياغة وعيٍ وطنيٍّ عن الاحتلال والصهيونية والأرض عند الطلاب في مدرسة عرعرة. وأيضاً الأستاذ عبد الرحيم علي حمدان من قرية ذنابة شارك في الثورة بعد أن برز في السلك التعليمي. وانضمّوا إلى الدعاية والاستخبارات لصالح الثورة في بداياتها. فقد ترك الأستاذ شاكر سمارة سلك التعليم وبدأ في دعوة معلّمي المدارس للانضمام إلى صفوف الثورة، ونجح نجاحاً باهراً في تقوية دعائم الثورة. أمّا الأستاذ عبد الرحيم علي حمدان، فقد نظّم اتصالاتٍ بينه وبين الضباط ورجال الشرطة العرب في القُرى. وهكذا صاغ القائد علاقاته من خلال ترتيب الأدوار على أساس التعاون، والتحضير للمعارك القادمة. [13]
الفصل السادس: معارك وادي عارة
في منطقة المُثلث الفلسطينية، كانت قضاء طولكرم الأكثرُ التهاباً واشتعالاً، كونها منطقة الفلاحين، وفيها أراضٍ زراعيةٌ مُهدّدةٌ بالتفتت من جرّاء النهب الصهيوني وبناء المُستعمرات والكيبوتسات، لذلك شهدت المنطقة قيادةً رفيعةً (صبري الحمد وحسن رزق والحاج دواس والقائد الأعلى للثورة عبد الرحيم الشيخ محمد)، وتخطيطاً وترتيباً وتنظيماً شبكياً وفق المنطقة من أجل إعداد المعارك المُنظّمة والعمليات.
في شهر حزيران عام 1936، بدأت معركة نور الشمس، معركة وادي عارة الأولى تحت قيادة عبد الرحيم الشيخ محمد. امتدّت المعركة لساعاتٍ طويلةٍ، اشتبكوا مع جنودٍ بريطانيين كانوا يحرسون قوافلَ يهوديّةً بين حيفا وتل أبيب. وقد أسفرت المعركة عن استشهاد وجرح خمسةٍ وعشرين من المُجاهدين، وقد قُتل وجرح بين 5-9 جنودٍ بريطانيين. وقد كانت هذه المعركة بين مجموعةٍ صغيرةٍ من المجاهدين وبين عشرات الجنود البريطانيين المُدجّجين بالأسلحة الرفيعة، الدبابات والمدافع والرشاشات. لكنْ بالمقابل، استطاعت المُقاومة تدمير ثلاث سياراتٍ عسكريةٍ وقتل رُكابها. وعندما خيّم الظلام، انسحب البريطانيون وأيضاً المقاومون حتى تموز 1936.
في تموز من ذاك العام، بدأت معركة نور الشمس الثانية، وأقتبس عن المعركة من الباحث والمؤرخ محمد عقل: “جرت في 28 تموز بالقرب من طولكرم في المنطقة الواقعة بين نور شمس وعنبتا معركةٌ حامية الوطيس بين الثوار الفلسطينيين، بقيادة عبد الرحيم الحاج محمد وعبد الله الأسعد، وبين الجيش البريطاني، وقد أسفرت هذه المعركة عن استشهاد ثائرٍ وأسر مجاهدٍ ثالثٍ، يُدعى حسن رزق من قرية عارة، كما جرح قائدها عبد الرحيم الحاج محمد. كما أسفرت عن قتل شرطيٍّ بريطانيٍّ اسمه “رن” وجرح شرطيٍّ آخرٍ، وقد شارك في هذه المعركة فصيلٌ من أبناء عرعرة وعارة.”[14] وانضمّ لهذه المعركة حسن عبد الله ضعيف (والد المُناضل الحاج دواس حسن ضعيف)، وكان قد اشترى من ماله الخاص بُندقيّةً، وكان يجتمع من حينٍ إلى آخر مع الثوار في بيته حتى حان موعد معركة نور الشمس، إذ أبلى بلاءً حسناً. أمّا ابنه المناضل الحاج دوّاس كان قد انضمّ للمعركة الكُبرى، في وادي عارة في أواخر آب.
الفصل السابع: معارك الفحماويين
قام أحمد الفارس وشقيقه علي الفارس محاميد ويوسف الحمدان بتشكيل فصيلٍ مُسلحٍ من أجل المُساهمة في معارك الثورة، وقتل جنود الإمبرياليّة البريطانيين. المعركة الأولى كانت تحت قيادة فوزي القاوقجي، نهايات عام 1936. خُطّطت المعركة لتكون مُفاجأةً للجنود البريطانيين، ولتُكبّدهم أكبر خسائر مُمكنةٍ. انتهت المعركة بهزيمة الإمبرياليّة وانتصار المُجاهدين حتّى موعد المعركة القادمة.
سُمّيت المعركة التالية عند الفحماويين (معركة خلة الحمارة)؛ لوقوعها في هذه المنطقة الفحماوية الواقعة عند الشارع الرئيسي في وادي عارة. مرّت دوريّةٌ بريطانيّةٌ، فهاجمها الثوار المتحصّنون في الجبل الجنوبي بكثافةٍ عاليةٍ، فرجعت وتحرّكت الدوريّة بسرعةٍ، لكن عادت طائراتٌ بريطانيّةٌ لضرب الثوار في الجبل.
وفي تجدُّد الثورة، تتالت معارك الفحماويين، منها معركةٌ عُرفت باسم (معركة أم الفحم)، كانون الثاني عام 1938، اشتبك فيها الثوار مدّة 8 ساعاتٍ متواصلةٍ مع جنود الإمبرياليّة. واستولى الثوار في هذه المعركة على أسلحةٍ حربيّةٍ وافرةٍ، في حين اختار الثوار البلدة مكاناً للمعركة، مكّنتهم معرفتهم في جغرافيّة أم الفحم من نصب الكمائن وهزيمة القوات، وقتل ما يزيد عن الـ20 جندياً بريطانياً. وفي آذار 1938 أعدّت العسكريّة البريطانيّة قواتٍ كبيرةً للمعركة القادمة، وانتقاماً من الثوار.[15]
“بعد نجاح القوة البريطانية في فرض طوقٍ حول مواقع الثوار استمرّ حتى حلول الظلام،ثمّ قام الثوار بالانسحاب بعد تمكّنهم من فتح ثغرةٍ، وقد اشترك فيها حوالي 3000 جنديٍّ بريطانيٍّ بالاضافة إلى مفرزةٍ من قوات الحدود الاردنية وتسع طائراتٍ تم استدعاؤها بعد 15 دقيقةً من بداية الاشتباك، مقابل 300 ثائرٍ فلسطينيٍّ. وقد اعترفت القوات البريطانية بجرح ضابطٍ ومقتل جنديٍّ وجرح آخرين، وإصابة 5 طائراتٍ إصاباتٍ طفيفةً، كما ادّعت قتل 60 ثائراً وأسر 16 آخرين.
أما الثوار، فقد أعلنوا، من جانبهم، عن استشهاد تسعةٍ كان أحدهم الشيخ عطية أحمد عوض قائد الثوار، بالإضافة إلى أكثر من ثلاثين مناضلاً من النجدات العربية، وسقوط عددٍ كبيرٍ من الجرحى، كما أعلنوا عن مقتل وجرح أكثر من 70 بريطانياً.” [16] وكانت هذه المعركة الأكبر منذُ بدء الثورة الفلسطينيّة.
الفصل الثامن: المُعسكر والمُقاومة في باقة الغربيّة
باقة الغربيّة كمثل باقي المدن والقرى، فرضت عليها القوات البريطانيّة حُكماً عسكرياً وكذلك أحكام الطوارئ وعُرفيّةً مُشددةً. اشتدّت المعارك في باقة الغربيّة منذ عام 1938. ومع زيادة وتيرة المقاومة وشدّتها، اشتدّ الحصار وفرضت بريطانيا عقوباتٍ جماعيةً على القرية بأكملها وأقامت هناك مُعسكراً للجنود.
وكان من رجالات قيادة الثورة، آنذاك، حسن عبد الله منصور (شيخ تركمان)، عمل مع هذه القيادة في المناطق التالية: منطقة مرج بن عامر، وقرى اللجون، وكفر قرع، وعين غزال، وعارة وعرعرة، ونمرة الشمالية، وباقة الغربية. وكان، أيضاً، ممّن وضعوا خطط المعارك المُنظمة في باقة الغربيّة.
كما شارك الشهيد البطل عودة كتانة من النزلة الغربيّة في معركةٍ خُطّطت لتضرب المُعسكر البريطاني. فيما تكرّرت الهجمات عدّة مراتٍ على المُعسكر البريطاني، وقد كان عودة كتانة مثل أبيه الثائر الشهيد خبير ألغامٍ ومُتفجّراتٍ، كان يضع الألغام في طريق الجيش البريطاني [17]. وفي 15 آب 1938 بدأت معركةٌ بين القوات البريطانية وثوارٍ مُسلحين، في القرية. وأدّت المعركة لمقتل ضابطٍ بريطانيٍّ وثلاثةٍ آخرين.
أمّا الثائر عبد الله محمد مصطفى عويسات الأيوبي من باقة الغربيّة، فقد نفّذ تحت إمرة القائد العام عبد الرحيم محمد الشيخ عدّة عمليّاتٍ جريئةً، من مُهاجمة قطارٍ والاستيلاء عليه بما فيه من ذخيرةٍ وعتادٍ وأسلحةٍ. كما تمكّن من اغتيال أحد جُباة الضرائب الحكومية أثناء عمله، وسلّم الأموال لقيادة الثورة. وكان من أوائل المطلوبين عند البريطانيين، وتمّ القبض عليه في باقة الغربيّة في ظروف عمالةٍ لصالح الإمبريالي البريطانيّ، إذ أعلم مختار القرية العسكرية البريطانية عنه.
الفصل التاسع: الشُهداء والنسف والسقوط
تشكَّل المقطع الأخير من المُقاومة والثورة من خلال مرحلة شهود شهداء الثورة من القيادات العسكرية، وإعدام رجالٍ أبطال. تمثّلت المرحلة الثانية في نسف البيوت والقُرى، ومن ثُمّ أفول الثورة. كان لاستشهاد القائد العام للثورة، عبد الرحيم محمد الشيخ، أثرٌ قويٌّ على الثورة وإمكانيات الاستمرارية، وذلك بعد خوض المعارك الضارية في عام 1938 (من معارك وادي عارة وأم الفحم وبلعا ومعركة بيت إمرين التي جُرح فيها ومعركة دير غسانة)، إذ ألحقوا خسائر كبيرة بالقوات البريطانية. خاض عبد الرحيم محمد الشيخ معركته الأخيرة بعد عودته من دمشق ولقائه المُفتيَ أمين الحُسيني ومُناقشة أوضاع الثورة والمساعدات.
خلال عودتهم، توقّفوا بقضاء جنين (قرية صانور) هو ورفاقه ليُمضوا ليلتهم، علمت السلطات البريطانيّة بوجودهم، فوجهت قوّةً عسكريّةً كبيرةً لمُهاجمتهم، فخاض القائد معركته الأخيرة بشجاعةٍ، واستشهد هناك في قرية صانور. وقد كان موته فاجعةً للفلسطينيين. في هذه الفترة، أي أواخر آذار عام 1939، بدأت الثورة بالأفول باستشهاد القائد العام، المُوجّه صاحب الفهم العميق للمسألة الفلسطينيّة وعلاقات التُجار وملّاكي الأراضي الإقطاعيين بالصهيونية والإمبريالية البريطانية. كان مؤمناً، فقط، بإمكانية الكفاح المُسلح، معلناً وقوفه ضدّ كل الذين اتصلوا بالرجعية العربية، وقد رأى الشهيد أنّ القتال لا بدّ أن يكون على أرض الوطن.[18]
كان رفيقهُ في الجهاد والمُقاومة عبد الحميد المرداوي من قرية بيت إمرين-نابلس، قد شارك في الثورة السورية الكُبرى، واكتسب الخبرات العسكريّة التي مكّنتهُ من تنظيم وتخطيط المعارك المُنظّمة في منطقة المُثلث، وبدأ يلعب دوراً بارزاً في الثورة، خاصّةً بعد التجدّد في تشرين الأول 1937 (بعد صدور قرار التقسيم ومقتل حاكم الناصرة).
وعند استشهاد الرفيق القائد عبد الرحيم محمد الشيخ، أصبح عبد الحميد المرداوي الزعيم الوحيد على جبال نابلس. وفي نفس الظروف، علمت السُلطات البريطانيّة بوجوده في منطقة الرامة بين طولكرم وجنين، فحضّرت جنودها، وبدأت عملية الحصار والاشتباك، فاستشهد بينما كان يُحاول الخروج من قرية عطارة شمال طولكرم. شكّل استشهاده، في حزيران 1939، أحد مظاهر تراجع الثورة.
كانت هذه التصفيات التي نلحظها ضمن خطةٍ للقضاء على الثورة من خلال القضاء على قيادةِ الثورةِ، إذ استخدمت الإمبرياليّة البريطانيّة ترسانتها من إقطاعيين وعُملاء، بالتعاون مع مستوطناتٍ صهيونيّةٍ مُسلّحةٍ، لمحاصرة الثوار ومهاجتهم، فلم يُكتب للتغيير بأن يحصل.
في تلك الفترة، كانت تصفية القيادات والثوار قد توسّعت رقعتها. فعبد الله الأيوبي، مثلاً، تمّت تصفيته من خلال الإعدام العسكري بمُحاكمةٍ سريعةٍ، وأيضاً القائد الفحماوي أحمد الفارس، الذي تمّت تصفيته في عام 1939، وكان ذلك اليوم يوماً عبوساً؛ أقيمت فيه الكثير من حلقات الردح والبُكاء بالتحديد في منطقة جنين، وفي بلدة سيلة الحارثية. فيما استطاع يوسف أبو درة أن يفلت من القبضة البريطانية، وهو ممّن تبقّى من قيادات الثورة الذين شاركوا في معركة يعبد مع الشيخ عز الدين القسام، وشارك كقائد فصيلٍ في أم الفحم، وقاوم الإمبرياليّة في معركة اليامون، وأيضاً خاض معركته الكُبرى التي أُشيع فيها استشهاده في منطقة الكرمل، إذ واجهت مجموعةٌ صغيرةٌ من الثوار مُقابل آلافاً من الجنود البريطانيين. كما شارك أيضاً بتحرير سجن عتليت، وقُبيل انتهاء الثورة قبضت عليه دوريةٌ من الجيش الأردني، وسلمته للسُلطات البريطانية، وحكمت عليه بالإعدام في أواخر الثورة.[19]
هكذا، بدأت نهايات الثورة. في الختام، أظهرت الإمبريالية البريطانية بشاعةً وعُنفاً لا مثيل لهما؛ نسف بيوتٍ وقرى بأكملها. ففي شهر حزيران من العام 1938، تم نسف قرية باقة الغربية وبيوتها ومحلاتها كردٍّ على المعارك والاشتباكات التي قام بها الثوار. يذكر المؤرخ صبحي بيادسة من باقة الغربية** (راجع كتابه باقة الغربية- تاريخ لا يُنسى)، بأنّ ما يزيد عن السبعين بيتاً تمّ تدميرهُ وإضرام النيران فيه، لتُعتبر هذهِ أعمالَ التشريد والتهجير الأولى والمُبكّرة في فلسطين، ليمارسوا الصهاينة، لاحقاً، الأساليب نفسها في تهجير وتشريد الفلسطيني، الأمر الذي جعل عائلاتٍ كثيرةً من باقة الغربية لاجئةً. ويُحدّثنا المؤرخ صبحي بيادسة عن المُجريات والتفاصيل، فيقول::
“حدث هذا يوم 25 من شهر تموز عام 1938، وكان عمري آنذاك ثلاث سنواتٍ، ورغم صغر سني فقد كنت شاهداً على أعمال إذلالٍ وتعذيبٍ من الصعب نسيانها، فكيف كان ذلك؟ سآتي على ذكره… وصبيحة اليوم التالي، أي يوم 26 تموز أُمِر الأهالي بإخلاء منازلهم ومغادرتها دون أن يتزودوا بأي شيءٍ، وطولبوا بالتجمع في ثلاثة مواقع: الرجال في كل من: خلّة الديك وبيادر السدرة، أما النساء ففي عمارة (كرم الزيتون) للمرحوم راشد مسعود مواسي، وكان الطقس في ذلك اليوم حاراً جداً ومُنِعت فيه مياه الشرب عن المُحْتجَزات والمُحْتجزَين، هذا بالإضافة إلى الشتائم البذيئة وعبارات الإهانة والإذلال ومن قبل الجنود الإنجليز المدجّجين بالسلاح. وفي لحظةٍ معينةٍ، قرّرت قوات الاحتلال البريطانية إطلاق سراح النساء على ألّا يغادرن القرية ويبقين داخلها. أما الرجال، فسيقوا إلى معسكر نور شمس (القريب من طولكرم) مشياً على أقدامهم المُنهكة، ومع كلّ ما ذاقوه من عطشٍ ومن مرارة الذلّ والهوان والشتائم والضرب بأعقاب البنادق، وفي هذا الحر القائظ حرّ شهر تموز، قضوا ليلتهم في العراء وهم يعانون الخوف والإرهاق، والجوع والعطش، ليعودوا في الغداة إلى قريتهم كما جاءوا مشاةً، وليروا ما حلّ في بيوتهم من دمارٍ وأعمالٍ بربريةٍ، اختلط فيها الأثاث بالزيت والطحين، وقرطاسية طلاب المدارس.” [20] ورحيل ما يُقارب الثلاثين عائلةً عن باقة الغربية.(جريدة الدفاع، 25 تموز 1938)
كما لم قرية قاقون في قضاء طولكرم من هذا العُنف الوحشيِّ الأخير لإتمام سقوط الثورة. وقد أحكمت السُلطات البريطانية مراتٍ كثيرةً حصارها على القرية أثناء التفتيش عن الثوار. كانت فصائل ثوريّةٌ كثيرةٌ تحوم حول القرية تحت إمرة القيادي عبد الله الأسعد، وكانوا يتلقّون المُساعدات من أهل القرية في مُهاجمة مواتير مياه البيارات التي بيد اليهود وكذلك خطوط الكهرباء. كانت السُلطات البريطانية تجمع أهالي القرية عند المسجد وتبدأ في التفتيش وتخريب البيوت. وكانت العسكرية البريطانية تعدم كل رجلٍ يمتلك سلاحاً ناريّاً.***
يسردُ لنا عيسى قراقع، رئيس هيئة شؤون الأسرى والمُحرّرين، مُجريات نسف البيوت، فيقول: “قامت سلطات الانتداب بنسف ما يزيد عن خمسة آلاف منزلٍ وحانوتٍ بشكلٍ انتقاميٍّ، وكان ذلك مقروناً بالضرب والنهب وارتكاب صنوف العذاب كافّةً، مثل كيّ الأجسام، وخلع الأظافر، وحرق الثوار. واستخدمت سلطات الانتداب البريطاني العقاب الجماعي لتحطيم إرادة المقاومة الفلسطينية، بتحويلها القرى والمدن الفلسطينية إلى سجونٍ مغلقةٍ بعد فرض منع التجول عليها ومحاصرتها وإذلال الناس وفرض الغرامات الباهظة على السكان، ومداهمة المنازل ونهب البيوت وتخريب محتوياتها.” [21]
مع نهاية المقاطع التسعة، حاولتُ إبراز مُجريات الثورة الفلسطينية من زوايا مُختلفةٍ في منطقة مُثلث المُدن الكُبرى الفلسطينية. هذه المنطقة كانت مُلتهبةً في الثوار ومؤجّجةً لقتال الإمبريالية، بعد نُضج التناقضات الموضوعية والذاتية. لم تستطع الثورة أن تحقّق أهدافها في نيل الحُرية والاستقلال، ولكنها وضعت لبنةً أولى في بُنيان الثورة الفلسطينية المُستمرة.
**********
الهوامش:
* المثلث تسمية جغرافية أطلقها البريطانيون، وفق المؤرخ مصطفى كبها.
** راجع كتابه “باقة الغربية، تاريخٌ لا يُنسى”
*** راجع مقال محمد عقل على موقع عرب 48، “انعكاسات معركة قاقون وإسقطاتها”
المراجع
[1] كنفاني، غسان، ثورة 36-39 في فلسطين. ص33
[2] مرجع سابق، ص 32
[3] طوقان، إبراهيم، قصيدة إلى بائعي البلاد
[4] كنفاني، غسان، ثورة 36-39 في فلسطين. ص34
[5] البلاغ الرسمي الذي صدر عن السلطات البريطانية عن معركة يعبد التي استشهد فيها الشيخ عز الدين القسام ورفاقه. مؤسسة الدراسات الفلسطينية. قاعدة بيانات الوثائق
[6] كنفاني، غسان، ثورة 36-39 في فلسطين. ص70
[7] القرار الصادر عن الاجتماع الوطني في يافا في ذكرى احتلال القدس. مؤسسة الدراسات الفلسطينية. قاعدة بيانات الوثائق
[8] زعيتر، أكرم، القضيّة الفلسطينيّة. ص98
[9] البيان الصادر عن اللجنة القومية في مدينة نابلس تدعو فيه إلى الاستمرار في الإضراب العام. مؤسسة الدراسات الفلسطينية. قاعدة بيانات الوثائق
[10] الحكومة البريطانية، تقرير اللجنة الملكية لفلسطين (الترجمة العربية)، القدس، مكتب الطباعة، 1937
[11] عقل، محمد، مقالة في وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينيّة. التعليم في عهد الإنتداب البريطاني
[12] مرجع سابق.
[13] عقل، محمد، عبد الرحيم الحاج محمد – القائد الاعلى للثورة في فلسطين. مقالة في مؤسسة الدراسات الفلسطينية
[14] مرجع سابق.
[15] جميل، وجدي، أم الفحم واللجون-رحلة عبر الزمن
[16] مرجع سابق.
[17] سمارة، عبد الحكيم، رجال وأبطال من فلسطين (1900-1948)، ص138
[18] مرجع سابق، ص107
[19] مرجع سابق، ص210
[20] بيادسة، صبحي، مقالة (على موقع بُقجة) بعنوان :سنةٌ أُرِّخ بها في باقة الغربية :سنة 1938م هي سنة«النسف» في باقة الغربية.
[21] قراقع، عيسى، مقالة بعنوان: قراقع يستعرض جرائم الإنتداب البريطاني بحق الأسرى، موقع دنيا الوطن