أوجَعَ الصمويلي مستعمري الكيانَ الناشئ ودوّخ جنودَ جيشه المُنهك بعد معارك عام 1948، والمُنشغِل بتأمين حدوده الوليدة أمام المتسللين تارةً، وبزراعة الخضروات وإسكان المُستعمرِين من المهاجرين الجدد تارة أخرى. هؤلاء المستعمرون الجدد بالذات، وجدوا أنفسهم في ورطة العيش في المستعمرات الحدودية، ودوامة القلق من “زياراته” الليلية بين الحين والآخر.

في مذكراته لليوم السابع من تشرين الثاني عام 1954 كتب رئيسُ وزراء العدوّ الصهيوني في ذلك الوقت “موشيه شاريت” الجملة التالية: (الصمويلي- المسؤول عن 17 حالة قتل – صُفِيّ)[1]. لم تتحقق أماني “شاريت” حينها، فلقد أخطأ جنودُه صدرَ الرجل ليعيش بعدها عاماً ونصف يكتملُ فيهما عددُ قتلاه إلى 21 قتيلاً صهيونياً ما بين جنديّ وحارسٍ لمستعمرة أو قاطنٍ فيها من مستعمرات غرب القدس، أو ما يُسميه الصهاينة “ممرّ القدس”.

وقُبيل توقيع معاهدة وادي عربة مع الأردن في العام 1994، وللمقارنة بين حال “العداء” وحال “السّلام”، ذَكَرَهُ صهيونيٌّ آخر، هو رئيس وزراء الاحتلال السابق “إسحق رابين” في خطابه أمام الكنيست: “فبعد أن عشنا في ظلال كلمات مثل: المتسللين، ومصطفى الصمويلي، ها نحن الآن نعيش على أعتاب اتفاقية سلام تمنحنا ما لم نحلم به..”[2].

أوجَعَ الصمويلي مستعمري الكيانَ الناشئ ودوّخ جنودَ جيشه المُنهك بعد معارك عام 1948، والمُنشغِل بتأمين حدوده الوليدة أمام المتسللين تارةً، وبزراعة الخضروات وإسكان المُستعمرِين من المهاجرين الجدد تارة أخرى. هؤلاء المستعمرون الجدد بالذات، وجدوا أنفسهم في ورطة العيش في المستعمرات الحدودية، ودوامة القلق من “زياراته” الليلية بين الحين والآخر.

لاح طيفُ هذا الإيجاع وهذا التدويخ في الأخبار المختصرة وغير المُفصّلة التي حملتها الصحفُ الصهيونيةُ عن عملياته المتكررة، بعد أن مرّت من مقص الرقيب العسكري[3]، ولاح كذلك في الأخبار التفصيلية المُهلِلَة بالتخلص منه شهيداً، والذي صدر بشأنِهِ بيانٌ صحفيٌّ تفصيليٌّ من شرطة الاحتلال. كما لم تنسَهُ كتبُ السير العسكرية الصهيونية، بعضها تحت عنوان “بَراشَات مصطفى الصمويلي”، أي ” قضية مصطفى الصمويلي”، وكلمة “بَرَاشاه” هذه تُعطي في كثير من الأحيان دلالةً  على ما يبعث على القلق المستمر، تعبيراً عن “القصة التي طالت أحداثها واستمرت أكثر من اللازم”.

في هذه المقالة نقتفي طيفاً من حكايته.

****

بَرَزَ اسمُ “مصطفى عبيد” في القدس والضفة الغربية عامّةً في النصف الأول من خمسينيات القرن الماضي كأحد أبرز وأبرع ممارسي التسلل عبر خطّ الهدنة الفاصل بين الضفة الغربية، تحت حكم الأردن، وبين الدولة الصهيونية الناشئة في الأراضي المحتلة عام 1948، وبالأخصّ في منطقة غربيّ القدس.

لأمٍّ حنينية، من بيت حنينا[4]، هي حَسنة غَريب، ولأبٍّ صمويلي، من النبي صموئيل[5]، هو محمد عبيد، وُلِد مصطفى كما يُقدِّرُ ابنه بدر الدين، في العام 1925، واستشهد في العاشر من آذار للعام 1956، “كان عُمري سنة ونصف لما استشهد، وكان هو عمره 31 سنة تقريباً، يعني بحدود الـ25 انولد”. بينما يقول مطارِدوه في كتبهم إنه من مواليد 1922.

صورة شخصية لمصطفى عبيد الصمويلي. (المصدر: باب الواد، حصلنا على الصورة من ابنه بدر الدين عبيد).

أيّاً كان مولده، فلقد رسختْ في قلب الصمويلي معرفةُ البلادِ ومواقعُها شبراً بشبر، يحفظ كما كفي يديه وديانها وجبالها ومغرها، وإلا ما كانت لتُخفي أثرَه عن عيون المطارِدِين سنوات عدة.

عُرِف الصمويلي في بداية طريقه في البلاد كمرشدٍ لجماعة من المتسللين الفلسطينيين كانوا – كما دَرَجَ بعد “الرحلة”- يقطعون الشيك، يستعيدون بعضاً مما نُهِبَ منهم، من مقدرات مستعمِرِهم من حيوانات كالأبقار والعجول، أو من أدوات زراعية وغيرها، أو يعودون لتفقد ممتلكاتهم في أرضهم التي هُجّروا منها إبّان الحرب، ويعودون بما يجدون إلى ما تبقى من البلاد. كان الصمويلي مفتاحَهَم ودليلَهم إلى تلك الأراضي.

تتعدد الروايات- حتى الصهيونية فيما بينها – حول تفاصيل حياة الصمويلي وتطوّره من مرشدٍ لمجموعات المتسللين إلى متسلل فدائي يقود بذاته مجموعةً من المتسللين، أو كونه في بعض الأحيان متسللاً لوحده، ربما يصحبه أحد رفاقه أو يذهب وحيداً خلف الشيك، ومن ثم تحوّله لمُخبّر على العدوّ لصالح المخابرات الأردنية.

وبينما تصفه بعضُ كتبِهم بـ”الناهب الأكبر”، وتذكر أنه ذات مرة حمل “موتوراً” من دير المصلبة قرب القطمون، وعاد به إلى القدس دون أن يقبض عليه أحدٌ، تعود أخرى وتخبرنا بعملياته التي لم تستهدف مالاً أو متاعاً، وإنما أصابت فقط قلوب المستعمرين أنفسهم مستوطنين وجنوداً. إضافة إلى الروايات عن جمعه للمعلومات الاستخباراتية خلال رحلات تسلله، لصالح المخابرات الأردنية في الضّفة الغربيّة، بدءاً من 1953.

أما فلسطينياً، فإن البحث – ميدانياً أو بين الكتب – عن سيرته لا يعطي ما يكفي من التفاصيل عن ملامح تلك الشخصية التي شكّلها الصمويلي وجعلت منه الملاحَقَ الأول – صهيونياً – في فترة الخمسينيات. عرفتْهُ النبي صموئيل وبيت حنينا والقرى المجاورة فدائياً “يسرق اليهود” في مستعمرات غرب القدس، ويقتل جنودهم وحراسهم. ولعل علاقته المتوترة بقائد الحرس الوطني في منطقته، كما ينقل أحد أهالي القرية، جعلت الأخبار عنه قليلةً بعض الشيء أو متناقضةً في أحيان أخرى. فيما بعد، وخوفاً من الانتقام والملاحقة الصهيونية، حرص بعض أفراد عائلته الممتدة، بعد حرب عام 1967، على تسجيل أسمائهم في سجل الإحصاء الصهيوني بلقب “بركات” بدلاً عن “عبيد”.

يمكن في ضوء ذلك رسم السياق المتوتر، ما بين عدم دقة/ حيادية المصادر الصهيونية في بعض الأحيان، وبين غياب التفاصيل فلسطينياً، وقلة المصادر التي تتحدث عن فترة الخمسينيات إجمالاً، والذي من خلاله رُسمت ملامح هذه الشخصية الفدائية ونُقِلَت أخبارها من جيل إلى جيل. في ظلّ تلك التحديات، نحاول رسم صورة عن الصمويلي من استقراء مختلف المصادر.

المتسلل الأبرز والملاحق الأول

بدأ الصمويلي في أوائل الخمسينيات مرشداً ودليلاً إلى جغرافيا البلاد لصالح مجموعة من المتسللين إلى الأراضي المحتلة عام 48، والذين كانوا – كما يبدو – متخصصين في نهب “ممتلكات” المستعمرات. فيما بعد تفككتْ هذه المجموعة، لاستشهاد أغلب أعضائها، ولاحقاً أصبحَ الصمويليُّ دليلَ نفسه، يذهب وحيداً وراء الشيك، ينال هدَفَه، مستوطناً أو اثنين، جندياً أو اثنين، يأخذ بعضاً مما يَجدهُ في طريقه من “ممتلكات”، وأحياناً آخرى يخرج مع رفاق له، عُرف منهم، كما يروي ابنه بدر الدين، ابن قرية حلحول في الخليل عبد القادر الحلحولي، وابن قرية بيت اكسا عطا عليان[6].

نجدُ في الكتب الصهيونية المؤرّخة لمعارك الـ48 وما بعدها ذكراً كثيراً له وبروايات عديدة تختلف غالباً على نشأته وطريقة استشهاده وتفاصيلها، بينما تجتمع كلّها على “الأسطورة” التي شكّلها في تلك الأيام لدى الفلسطينيين والصهاينة على حدّ سواء، وعلى الحيرة التي تركها لدى أجهزة الأمن الصهيونية، والرعب الذي رسمه في قلوب المستوطنين.

“يوآل بن دوف[7]“، أحد المقاتلين في قوات “البلماح” الصهيونية، وبعد أن أعجزت النبي صموئيل الكتيبة التي إليها ينتمي عام 1948، ذهب في رحلة البحث عن تاريخها، ربما تعبيراً عن أزمته النفسية منها. في كتابه عن قرية النبي صموئيل يروي “بن دوف” أن أحد الضباط واسمه “مائير زورع” قال في شهادته إنه قَتَلَ في معركة النبي صموئيل عام 48 عربياً، عَرَفَ فيما بعد أنه أخو مصطفى. بناءً على تلك الشهادة، يحلل البعض أن مصطفى قد يكون تحوّل للتسلل والعمل الفدائي انتقاماً لأخيه، لكن “بن دوف” نفسه يُشكِكُ في هذه الرواية، وهي الرواية التي تنفيها العائلة، إذ لم يكن لمصطفى أخ استشهد في النكبة.

أما من استشهد لمصطفى فعلياً فكان والد زوجته الثانية حَبيبة محمود عبد الجابر من لفتا. يروي بدر الدين مصطفى محمد عبيد، في حديثه لـ”باب الواد”، عن أمّه أن زوجها – أي مصطفى عبيد – كان يردد في جنازة والدها الشهيد: “سأقتل 100 عنك”، وربما يكون ذلك هو الشخص الذي خرج الصمويلي انتقاماً له. وهي الرواية التي يذكر ما يشابهها الباحث الصهيوني “بني موريس” في كتابه “حروب إسرائيل الحدودية 1949-1956″، إذ يقول موريس إنّ والد زوجة الصمويلي استشهد في أيار 1952، وإن الصمويلي تحوّل إلى قتل الصهاينة أثناء تسلله إلى فلسطين 48، بعد ذلك[8].

وبعيداً عن البحث عن “الدوافع”، فما أكثرها، كان الصمويلي جريئاً محترفاً في التسلل، يُجانِبُه في الليلة التي يطلع فيها القمر، ويُدمنه في أكثر الليالي صعوبة، ليالي الشتاء الطويلة والمطر المنهمر. يصفه ابنه بدر الدين، حسبما سمع عنه لاحقاً، أنّه حادّ الرؤية ثاقب النظر، “زي ما بشوف بالليل بيشوف بالنهار، وكان قلبه جامد”، وكما وصف في إحدى أخبار الجرائد: “كالثعلب في دهائه، كالنمر في قوته”.

كأنها ليست هناك، كانت الحدود “شفافة” أمام بصر وبصيرة الصمويلي، كان مُتقناً للتسلل والتخفي، يجيدُ اختيارَ طرق للانسحاب غير طرق التسلل، ويعرف أين تصح له الراحة، وأين يجدر به الإسراع، ولذلك وُصِفَتْ جولاتُه في البلاد بأنّها “شبه عسكرية”، وأَعجَزَتْ العسكريين الصهاينة في محاولاتهم اصطياده. “كل المحاولات لنصب الكمائن له والقبض عليه فشلت، لقد سخر من كلّ مطارديه، قصص مآثره انتشرت في جميع الضفة الغربية. تحوّل [الصمويلي] إلى ما يشبه “روبن هود” الفلسطيني”[9].

عملياته ومحاولات الاغتيال

من بين عملياته التي استدعت بعدها جلسةً خاصةً لحكومة الاحتلال، تسلُلُه في 19 نيسان عام 1953 إلى مستعمرة “كريات موشيه” غربي القدس (على أراضي دير ياسين)، واقتحامُه أحد البيوت فيها، حيث قَتَلَ بالرصاص مستوطناً هو “تسفي جانوير” (35 عاماً)، وابنة أخيه “دفورة” (25 عاماً)، وكان الاثنان يحملان الجواز الأمريكي، وقد غنم جوازيهما الصمويلي من المنزل مع بعض النقود الأجنبية[10]. عرفت أجهزة أمن الاحتلال حينها أن بصمات الصمويلي على تلك العملية، وتأكدت من ذلك حينما جاءها أحدُ العملاء من وراء الحدود حاملاً جوازي السفر الأمريكيين مُدعياً أنه اشتراهما من الصمويلي بذاته.

وفي أيار من العام نفسه 1953، قتل الصمويلي ورجالُه جنديين وجرحوا ثالثاً. هذه المرة، تظاهر الجندي الثالث المجروح بأنه ميت، وفيما بعد تعرّف على وجه الصمويلي وشَهِدَ بأنه الفاعل. استدعت هذه العمليةُ اجتماعاً طارئاً خاصّاً للجنة وقف إطلاق النّار “الإسرائيلية” – الأردنية، وجولات ميدانية لأعضاء اللجنة لمسح المنطقة التي نفذت فيها العملية والقريبة منها.

ذُكِرَ بين استنتاجات التحقيق الذي فُتِح في أمر هذه العملية: “كان الهجوم ذا طابع عسكري بحت، واتسمّ بالتخطيط التكتيكي، تحديد طرق الوصول والانسحاب الخاضعة للمراقبة، وتوافر التغطية المتبادلة للمهاجمين، والانسحاب وسط غطاء النار، كان هذا الهجوم لأهداف القتل فقط”[11].

في 17 أيار من 1953، قُتِلَ حارسان صهيونيان في مستعمرة “إيفن سبير” بالقرب من عين كارم المهجرة. بدت على العملية كذلك ملامح عمليات الصمويلي. هجم جيش الاحتلال على قرية وادي فوكين، قتلوا فلسطينياً هناك في محاولة للانتقام من الصمويلي ومجموعته. بعد ذلك في 9 تموز 1953 قَتَلَ الصمويلي ورفاقه جنديين اثنين على مدخل معسكر للجيش بالقرب من قرية صطاف المهجرة، وغنما رشاشي “ستن” وذخيرة.

كان تتابع العمليات ونجاحها في إيقاع القتلى دون الوصول إلى الصمويلي عاملاً مربكاً للاحتلال وأجهزته. لم تعد تكفي اجتماعات اللجنة المشتركة لوقف إطلاق النار، وأصبحت تعقد اجتماعات على مستوى أعلى بين الضباط الأردنيين والصهاينة في محاولة لتفعيل الضغط لاعتقاله من قبل الأردنيين. لكن لم تفلح هذه الاجتماعات، ولم تحصد النتائج المرجوة لها.

وقد نُصبت خلال العام 1953 وأعوام الخمسينيات الأولى الكثير من الكمائن في الطرق التي يمكن أن يسلكها المتسللون. قَتَلَ جنودُ تلك الكمائن العشرات من الفلسطينيين، ولم يكن الصمويلي بينهم.  وكان لا بدّ من “فعل” من نوع آخر.

في تموز 1953، أُلقيت على وحدة احتياط مغمورة من جيش الاحتلال مهمة “تصفية الصمويلي”، هي وحدة “اللواء المقدسية”، والتي كان قائدها الضابط “ميشآل شاحم“. اختار “شاحم” أن تُنفذ المهمة عبر التسلل إلى النبي صموئيل وتفجير منزل الصمويلي.

يقول “بن دوف” في كتابه، بأن هذا النمط من العمليات العسكرية الهجومية لم يكن غريباً عند “شاحم”، فقد كان في كانون الثاني 48 من المبادرين لتفجير فندق سميراميس في القطمون، كما أنه شارك في عملية التسلل إلى شرفات وقتل عشرة من أهلها في شباط 1952، وهو ما عرف بـ”مجزرة شرفات“.

كانت الفكرة فكرة “شاحم”، لكن التنفيذ أُنيط برائد شاب في جيش الاحتلال، كان يخدم كقائد كتيبة احتياط، ويدرس في الجامعة العبرية في ذلك الوقت، وهو “أريئيل شارون”.  يقول “بن دوف”: “جمع شارون طاقماً صغيراً باختيار عشوائي لأعضائه، مكوّناً في غالبه من جنود احتياط من خارج القدس، والذين وصلوا معـه في الليلة ما بين 11 إلى 12 من تموز 1953 سرّاً إلى الهدف، فجّروه، وعادوا بلا مصابين”.

لم يستشهد الصمويلي في عملية التسلل تلك، إذ ببساطة لم يكن ذلك البيت بيته، لكن تهديد المتسللين الفدائيين المستمر، ونجاح تلك العملية تقنياً، ووصول الجنود الصهاينة إلى قلب قرية النبي صموئيل وخروجهم منها بسلام، ساهم في الدفع باتجاه تأسيس وحدة عسكرية جديدة يسلك فيها شارون طريقه نحو القيادة العسكرية، والسياسية لاحقاً. كانت تلك وحدة [12]101، وكانت عملية تفجير بيت الصمويلي إحدى أولى عملياتها، قبل تأسيسها رسمياً.

وبعد محاولة الاغتيال الفاشلة في صيف 1953، لم يتوقف الصمويلي عن عملياته. في الأول من شباط 1954 هجم الصمويلي ومجموعته على مستعمرة “محسياه” وقتلوا الحارس وغنموا رشاشه. وفي آذار هجموا على مستعمرة “كسلون“، المقامة على أراضي قرية كسلا، وقتلوا حارسها وغنموا رشاشه كذلك. وفي أيار 1954 قتل الصمويلي مستوطناً آخر يعيش على أراضي القسطل[13].

وكانت قوات حرس الحدود الصهيونية تنشر تحذيرات للصهاينة في مستعمرات غربي القدس تخبرهم فيها عن طرق الصمويلي في الوصول إليهم. تذكر صحيفة “دفار” الصهيونية في عددها 02.08.1962 في مقال عن المتسللين، أن الصمويلي، بحسب مصادرهم، كان يقترب من أحد البيوت في المستعمرة التي يقصدها، يرمي حجراً باتجاه النافذة، وعندما يطلّ أحد من الداخل يطلق عليه النار. وفي طريقة أخرى، كما تذكر الصحيفة، كان الصمويلي يصدر أصوات حيوانات كالثعلب أو ابن آوى، وعندما يهم أحد المستعمرين بالبحث عنه لإبعاده، يطلق الصمويلي النار[14].

استشهاده

استشهد الصمويلي ليل السبت العاشر من آذار 1956، في منطقة غربي القدس المحتلة عام 1948، بالقرب من باب الواد. كيف بالضبط وأين بالضبط، تختلف الروايات.

لا يملك بدر الدين معلومات دقيقة حول حيثيات استشهاد والده، إلا بعض ما روي من الأقارب والأصدقاء. أما الكتب الصهيونية، فمنها من يقول أنه استشهد بالقرب من منطقة دير أيوب (قضاء الرملة)، ومنها من يقول بالقرب من اللطرون، وقد لا يكون في ذلك تناقضاً، إذ أنهما متجاورتان.

قصاصة من إحدى الجرائد الناطقة بالعربية عن خبر استشهاد الصمويلي، يحتفظ بها ابنه بدر الدين.

ما يملكه “بن دوف” من رواية حول استشهاد الصمويلي، أنه كان “صدفةً تامةً”، فيقول: “كان الصمويلي يدخن، وسيجارته مشتعلةٌ في فمه، وتفاجأ على نحو الصدفة التامة بكمين لحرس الحدود، الذي فاجأه إطلاق النار فأرداه قتيلاً”، ولم يكن هؤلاء يعرفون أنهم قتلوا الصمويلي، المطلوب رقم 1 في ذلك الوقت.

أما في كتاب “رجال السّر والخفاء”، فتُذكَر تفاصيل أكثر حول اختراق الصمويلي لجدار إحدى المستعمرات بالقرب من اللطرون، وهي مستعمرة “نوحام”، حيث قَتَلَ فيها أحد سكانها الصهاينة “سليمان بن نيسيم”[15]. اكتشفت هذه العملية في وقتها، وتم الإعلان عن حالة الطوارئ ونُشرت الدوريات والكمائن في مختلف الطرق. وبحسب الكتاب، فقد نُصب أحد الكمائن بالقرب من خربة خاتولا، إحدى خرب قرية بيت محسير، ليس بعيداً عن باب الواد، حيث كان الصمويلي يسير، ففتحوا النار باتجاهه وقتلوه.

وبحسب ما يروي أحد أبناء العائلة الممتدة، فإن الصمويلي يومها لم يكن لوحده، وكانت معـه مجموعةٌ أخرى من المتسللين، كان بينهم عبد القادر الحلحولي، وأن الصمويلي استشهد بعد أن خاض اشتباكاً مع جنود الاحتلال. يقول نضال بركات، أحد أبناء العائلة من سكان الأردن، بأنه التقى بعبد القادر الحلحولي قبل وفاته، وأن الأخير روى له أن مصطفى عبيد كان في حادثة استشهاده قد أصيب في ساقه، واحتمى وراء صخرة كبيرة، وبينما كان يحاول رفاقُه إنقاذَه من الجنود اللاحقين به، كان مصطفى مُصراً على البقاء والقتال، وكان “يطلق النار في جهتنا تارةً لكي نغادر المكان خوفاً على أرواحنا.. وتارة يطلق صليات طلقاته باتجاه جنود العدو المتقدمين نحوه بخوف وحذر، وكان يقول “الله الله وما في بقلبي غير الله”[16].

وحسبما نشر في جريدة “دفار” الصهيونية عام 1962، يذكر كاتب المقال بأنه بعد إصابة الصمويلي صاح عليه جنود حرس الحدود مطالبين إياه برمي سلاحه وتسليم نفسه، فرد قائلاً “إنه جريح ولا يجوز قتله لأنه أسير حرب”، ,ولم يكن هذا الردّ سوى مناورة منه، فعندما كرروا الطلب بإلقاء سلاحه، أطلق النار عليهم مجدداً[17]، فلم يستشهد إلا بعد أن استنفد المحاولات للاشتباك مع الصهاينة.

وبينما تقول الكتب المذكورة آنفاً إنّ قتله كان “صدفة”، يسخر كتاب “سريّ للغاية” من ذلك، ويؤكد أن تصفيته كانت وفقاً لمعلومات استخباراتية حصل عليها ضابطا مخابرات عُرِفا بـ “أبو أساف” و”أبو هارون”. يذكر الكتاب أنّ أحد العملاء حصل على معلومات من الصمويلي نفسه عن طرق هربه وتسلله، وأن تلك المعلومات نُقِلَت إلى “أبو أساف” و”أبو هارون”، وأنهما أشرفا على ملاحقته بمجرد انتشار خبر اقتحام مستعمرة “نوحام”، مستفيدين مما لديهما من معلومات[18].

وصل مجموع قتلى الصمويلي ومجموعته 21 قتيلاً صهيونياً[19]، آخرهم كان المستوطن الذي قتله في الليلة التي استشهد فيها. وقد عُثِر معه على مسدس رشاش (نصف أوتوماتيكي) من نوع M3 مع كاتم للصوت. بعد مطاردة استمرت قرابة 6 سنوات، ابتهج الصهاينة لقتله، وملأت أخبارُه الصحف. في ظلّ ذلك، عقدت شرطة الاحتلال مؤتمراً صحفياً في تل أبيب، تحدث فيه رئيس قسم العمليات الخاصة في الشرطة “مِئير نوفيك” ليعلن “وأخيراً.. مقتل الصمويلي”. وقد سُلّم جثمانه للقوات الأردنية عبر “بوابة مندلبوم”، وشُيّع في جنازة عسكرية أردنية في النبي صموئيل. وورد في بعض الروايات أن جنوداً من قوات الاحتلال نبشوا قبره بعد احتلال القدس عام 1967، ولم يتسنَ التأكد من ذلك.

 

***

عن النبي صموئيل

مسجد ومقام النبي صموئيل على قمة جبل النبي صموئيل. عدسة:مصطفى الخاروف

وكما أوجعهم مصطفى الصمويلي لاحقاً، فقد أوجعتْهُم وأسلافَهم من المستعمرين قريتُه البارزة في ظاهر القدس من شمالها. تقعُ هذه القرية على أعلى قمم القدس، بارتفاع 885 متراً عن سطح البحر[20]، أكسبها هذا الارتفاع إطلالةً مبهرةً من سطح مسجدها، فمنه ترى القرى المجاورة كبيت حنينا والرام وشعفاط وبدو وبيت اكسا ولفتا وأطراف رام الله وأطراف الساحل.

عند وصولهم لها قادمين من الرملة في حملتهم الأولى في القرن الحادي عشر الميلادي، أسمّاها الصليبيون “جبل البهجة”، أو “جبل السرور”، إذ وقفوا عليها فأبصروا أطراف هدفهم المنشود، القدس. وقيل إن هذا اللقب أُعطي لها من قبل الحجاج الذين كانوا يصلون القدس عبر المرور بالنبي صموئيل[21]. وقد بنى الصليبيون فوق جبل النبي صموئيل قلعة حصينة، دمرها فيما بعد الأيوبيون، وأسس لمسجد ومقام النبي صموئيل في نفس موقع القلعة.

وعندما عاد الاستعمار بشكله الحديث في القرن العشرين، سيطرت الكتيبة الإنجليزية 75 على قمة جبل النبي صموئيل في 21 تشرين الثاني 1917، وكان ذلك الإنجاز الأكبر للقوات الاستعمارية الإنجليزية في هجومها الأول على القدس. احتاج الإنجليز 12 يوماً تقريباً والكثير من الدماء أمام مقاتلي الجيش التركي ليبسطوا سيطرتهم كاملةً على أعلى القمة وما حولها من أراضي القرية[22].

كانت النبي صموئيل الثغرة الحصينة في الطريق إلى القدس، وكما كانت القسطل مفصلية في الاستيلاء الصهيوني على باب الواد، كانت النبي صموئيل كذلك للجيش الإنجليزي، فقد تبنت الكتيبة الإنجليزية 75 المقاتلة في النبي صموئيل مقولة “احتلال النبي صموئيل مفتاح لاحتلال القدس” وجعلتها شعاراً لها، بل اختارت صورة “المفتاح” شعاراً ورمزاً “لانتصارها الكبير”[23].

وعدا عن كونها واحدةً من أشدّ المعارك بين الإنجليز والأتراك على طول مسيرة الجيش الإنجليزي الاستعمارية التي بدأت في السويس عام 1916، وانتهت في 1918 باحتلال دمشق، فإنها واحدة من أكثر المعارك تنوعاً من حيث عرقيات المقاتلين وأصولهم. حسب وصف ضابط إنجليزي في مذكراته عن الحرب، يقول إن معركة النبي صموئيل اشتركت فيها شعوب متنوعة، أكثر من أي معركة أخرى، فقاتل فيها الأتراك والسوريون والألمان والنمساويون والهنود والإنجليز والاسكتلنديون والإيرلنديون[24].

كما كانت معركة النبي صموئيل عام 1917 بشدتها وامتدادها أياماً ولياليَ معبرةً عن التجربة العسكرية ما بين القتال الإنجليزي في الساحل، احتلال اللد والرملة وبئر السبع، وما بين القتال في الجبال، القدس ومحيطها.

وفي معارك الـ48، ضمن حملة “يبوس”، الهادفة إلى احتلال مواقع استراتيجية في القدس، عملت كتائب “عتصيوني” وكتائب من قوات “البلماح” على احتلال ثلاثة مواقع رئيسية: الشيخ جراح، والقطمون، والنبي صموئيل. كان الهدف من احتلال النبي صموئيل السيطرة على المنطقة الشمالية للقدس ومن هناك الوصول إلى مستعمرتي “النفيه يعكوف” و”عطروت”.

ما بين 22 و23 نيسان 1948 هاجمت القرية قوات “البلماح”، وعلى الرغم من نجاحها السابق في احتلال بيت اكسا وشعفاط، إلا أنها فشلت فشلاً ذريعاً في النبي صموئيل. كان بعض مقاتلي جيش الجهاد المقدس والمتطوعين من القرى المجاورة، بالإضافة إلى فوج أجنادين من جيش الإنقاذ، مستعدين لمواجهة الهجوم الصهيوني، فأسفرت المعركة عما يقارب 38 قتيلاً صهيونياً، وبحسب إحدى الروايات 10 شهداء من العرب.

لافتة تشير إلى مدافن الشهداء الأردنيين – دون أسماء – في مقبرة قرية النبي صموئيل. عدسة: باب الواد

فشلت القوات الصهيونية في احتلال المنطقة عام 1948، ومن ثمّ احتلتها عام 1967، وقد كانت بين الحربين موقعاً عسكرياً أردنياً، وفي مقبرة القرية دُفن عددٌ من الشهداء من الجنود الأردنيين. هدم الاحتلال مباني القرية الأصلية التي بُنيت حول المقام والمسجد، وذلك عام 1971، وهجّرت من كان فيها إلى شرق المسجد، وما زالت منذ ذلك الحين تتوالى سياسات تهجيرهم، منها منع البناء، ومنع إدخال بعض المواد التموينية إلا بكميات محددة، والإعلان عن معظم أراضيها “حديقة قومية” تابعة لسلطة الطبيعة والحدائق الصهيونية.

———————————————————————
الهوامش:
[1] “النبي صموئيل”، يوآل بن دوف، إصدار “هكيبوتس هميئوحاد”، 2006. ص 121. (بالعبرية: נבי סמואל, יואל בן-דב, הקיבוץ המאוחד). يمكن الرجوع إلى المصدر الأولي، أي إلى مذكرات “شاريت”، عبر هذا الرابط (باللغة العبرية): https://goo.gl/7B4kJ3
[2] خطب رئيس حكومة العدو الصهيوني اسحق رابين في 25 تشرين الأول 1994 أمام أعضاء الكنيست قبيل توقيع معاهدة وادي عربة مع الأردن، فيما يلي نص الخطاب كاملاً بالعبرية: http://old.heskem.org.il/sources-viewe263.html?id=687&meid=43 
[3] يذكر الضابطان الصهيونيان “رافي سيتون” و”اسحاق شوشان” في كتابهما “رجال السّر والخفاء: نشاطات المخابرات الإسرائيلية خلف الحدود”، بأن أخبار التسلل في الخمسينيات من القرن الماضي لم تكن تحظى بتغطية صحفية كافية، وأن كثيراً من عمليات التسلل حتى تلك التي شملت القتل، لم تُذكر في الصحافة الصهيونية، بفعل الرقابة العسكرية، خوفاً من إضعاف المعنويات الوطنية والتأثير على المستوطنين الجدد الذين سكنوا تلك المناطق الحدودية. وفي حال ذكرت تلك الأخبار، فإنها كانت تنشر بعد أيام من وقوع عمليات التسلل، وتنشر في الصفحات الداخلية للجرائد دون تفاصيل كثيرة حول هوية القتلى ومكان قتلهم. “كان هناك خوف منطقي بأنه في حال تم إبراز الأخبار عن موجة التسلل، والتي تحولت إلى ظاهرة شبه يومية، تنعكس صورة فظيعة ومخيفة مفادها أن حدود الدولة مخترقة لعصابات من القاتلين المتسللين إلى المستوطنات والذين يقضون على سكانها …”. للمراجعة ص. 129.
[4] إحدى قرى القدس، تقع 8 كم إلى الشمال من المدينة، مجموع مساحة أراضيها يصل إلى أكثر من 15 آلاف دونم. احتلت عام 1967، وتحوّلت بعد الثمانينيات إلى ضاحية سكانية كبيرة ومزدحمة.
[5] إحدى قرى القدس، تقع 8 كم إلى الشمال من المدينة، مجاورة لقرية بيت حنينا، تصل مساحتها إلى 2100 دونم، وفيها قمة النبي صموئيل أعلى جبل في القدس بارتفاع 885 متراً عن سطح البحر، وعلى رأس القمة مسجد ومقام النبي صموئيل. احتلت عام 1967، وتعيش القرية أوضاعاً معيشية صعبة في ظلّ حصارها بالحواجز وجدار الضم والتوسع، ومنع أهالي القرية من البناء.
[6] يروي ابنه بدر الدين، أن عبد القادر الحلحولي لازمه حتى آخر أيامه، بينما عطا عليان لم يتفق معه طويلاً ولم يدم تعاونهما.
[7]  “النبي صموئيل”، يوآل بن دوف. إصدار: هكيبوتس همئوحاد، 2006.
[8] “حروب إسرائيل الحدودية 1949-1956″، بني موريس النسخة الإنجليزية، ص62.Morris, B. (1997). Israel’s border wars, 1949-1956: Arab infiltration, Israeli retaliation, and the countdown to the Suez War. Oxford: Clarendon Press.
[9] المصدر رقم 3.
[10] من كتاب “رجال السّر والخفاء: نشاطات المخابرات الإسرائيلية خلف الحدود”، ص 129-130.
[11] المصدر السابق.
[12] وحدة 101: سُميت على اسم وحدة عسكرية بريطانية أسسها الضابط البريطاني “تشارلز وينجت” في ارتيريا واثيوبيا. كان الدافع الأساسي لتأسيسها محاولة إيجاد حلّ لعمليات التسلل التي ضربت كيان العدو خلال الخمسينيات. أسست في آب 1953 وهي التي نفذت مجزرة قبية. للمزيد،  هنا.
[13] “حرس الحدود قتل لصاً وقاتلاً أردنياً”، من جريدة “هميشمار” (המשמר)، بتاريخ 13.03.1956. تم الوصول إليها من خلال أرشيف الصحف العبرية على موقع المكتبة الوطنية الإسرائيلية.
[14] كما ورد في مقال بعنوان “متسللان في ممر القدس” في صحيفة “دفار” الصهيونية، الصادرة في الثاني من آب عام 1962. تم الوصول إليها من خلال موقع المكتبة الوطنية الإسرائيلية.
[15] جريدة “لميرحاف” الصهيونية، الصادرة بتاريخ 13.03.1956، تم الوصول إليها من خلال موقع المكتبة الوطنية الإسرائيلية.
[16] نضال بركات هو أحد أبناء عمومة مصطفى عبيد، وثق هذه الرواية في منشور له على الفيسبوك، هنا.
[17] مراجعة المصدر رقم 13.
[18] من كتاب: “كان ذلك سرياً للغاية: 30 قصة من قصص المخابرات والأمن في إسرائيل”، “يوسف أرجمان، بالعبرية: “זה היה סודי ביותר – 30 פרשיות מודיעין וביטחון בישראל”، יוסף ארגמן.
[19] حسب الصحف العبرية الصادرة في ذلك الوقت، فإن عدد قتلاه 21 صهيونياً. في بعض المصادر (كتاب بن دوف مثلاً) ذُكِر أنه قتل 22 صهيونياً. عدا عن ذلك، هناك بعض المبالغات المنشورة باللغة العربية ترفع الرقم إلى أكثر من 200 قتيل، وهو الأمر الذي لا يظهر في أي من المصادر.
[20] “بلادنا فلسطين”، مصطفى مراد الدباغ.
[21] “من السهل الساحلي حتى يهودا: الهجوم البريطاني الأول على القدس (معركة النبي صموئيل) والهجوم المضادّ التركي”، “عيران تيروش”، في كتاب “معارك الحرب العالمية الأولى في أرض إسرائيل: القتال على خاصرة جبال القدس”،2011. بالإنجليزية:From Plain to Hills and the Battle for Nabi Samweil, Eran Tearosh. In “World War I in Palestine: The Battles in the foothills of Jeursalem”.
[22] “النبي صموئيل”، يوآل بن دوف. إصدار: هكيبوتس همئوحاد، 2006.
[23] المصدر رقم 21.
[24] المصدر رقم 1.

—————————————————
المراجع:
1.مقابلة شخصية لكاتبة المقال مع بدر الدين مصطفى محمد عبيد (مواليد 1955)، ويكون ابن المناضل مصطفى الصمويلي، عقدت بتاريخ 3 شباط 2018.
2. “אנשי הסוד והסתר, מעלילות המודיעין הישראלי מעבר לגבולות”, רפי סיטון ויצחק שושן, בהשתתפות אלי תבור. ידיעות אחרונות, 1990. “رجال السّر والخفاء، من قصص المخابرات الإسرائيلية وراء الحدود”، رافي سيطون، واسحق شوشان، بمساهمة إيلي تافور، إصدار: يديعوت أحرونوت، 1990.
3. “זה היה סודי ביותר – 30 פרשיות מודיעין וביטחון בישראל”، יוסף ארגמן. הוצאת משרד הביטחון، 1997. “كان ذلك سرياً للغاية – 30 قصة من قصص المخابرات والأمن في إسرائيل”، يوسف أرجمان. إصدار: وزارة الدفاع الإسرائيلية، 1997.
4. “נבי סמואל”, יואל בן דב, הוצאת הקיבוץ המואחד, 2006. النبي صموئيل، يوئال بن دوف، إصدار “هكيبوتس هميئوحاد” 2006.
5. أرشيف الصحف الصهيونية الناطقة بالعبرية، موقع “المكتبة الوطنية الإسرائيلية”.
6. بلادنا فلسطين، مصطفى مراد الدباغ.
7. Morris, B. (1997). Israel’s border wars, 1949-1956: Arab infiltration, Israeli retaliation, and the countdown to the Suez War. Oxford: Clarendon Press. بالعربية: “حروب إسرائيل الحدودية 1949- 1956: التسلل العربي، الانتقام الإسرائيلي، والعدّ التنازلي لحرب  السويس”، بني موريس، 1997، إصدار: مطبعة كلاريندون.
8. “من السهل الساحلي حتى يهودا: الهجوم البريطاني الأول على القدس (معركة النبي صموئيل) والهجوم المضادّ التركي”، “عيران تيروش”، في كتاب “معارك الحرب العالمية الأولى في أرض إسرائيل: القتال على خاصرة جبال القدس”،2011. بالإنجليزية: From Plain to Hills and the Battle for Nabi Samweil, Eran Tearosh. In “World War I in Palestine: The Battles in the foothills of Jerusalem”.
9. النكبة الفلسطينية والفردوس المفقود، عارف العارف.