أنا معالجة نفسية فلسطينية، ألتقي في عيادتي الإلكترونية فلسطينيين من شتّى أنحاء العالم. أكتبُ هذه المقالة انطلاقاً من خوفي على الكثير من الفلسطينيين في هذه الأيام المؤلمة القاسية التي نُكابدها؛ ليس بوسعي كتمان وجود شقٍ في قلبي يأسى عليهم، ويخاف من وقوعهم أسرى براثن العدمية. ثمّة ركن في عقلي يحذّر من فقدانهم الإيمان بحتمية تحرير فلسطين؛ لنا الله ايها الفلسطينيون! إذ أنّنا مُرغمون – على الرغم من أعيننا الثاقبة وقلوبنا المخلصة وبصائرنا الحية اليقظة – على تجرّع المر؛ أيّ رؤية جثث الشهداء، وأشلاء الجرحى الأحياء، وأنقاض البيوت التي كانت عامرة، كما أنّنا مرغمون على احتساء فجيعة الفقد الجامع الذي يمتدّ معناه ليطال – دون أيّ استثناء – كلّ ما يُعطي الحياة معناها. ثمّة ملمح آخر في غاية القسوة يعيث فسادًا في الروح، إذ لا تكاد قلوبنا تنتهي من تجرّع ألم الفقد، حتى يكون لزامًا علينا أن تنثني من جديد لتتذوّق الطعم المقيت؛ ألم خيانة القيادات التي يفترض أنها تشاركنا العروبة والإسلام! ويتعاظم ألم الخيانة وجسامته في الوقت الذي يفترض أنّ صمودنا يعتمد على دعمهم ويتكئ عليه! ذروة سنام الخيانة أنّ دعمهم أبدًا لا يأتي! ثمّة واقع مفروض علينا من المستعمِر الغربيّ، يوصّف بأنّه سقيم ينزّ بؤسًا ووحشية ومرارة، دمّر مدننا وبيوتنا وخيامنا وأحبتنا وأجسادنا، وعاث فسادًا في أرواحنا بحيث لم يبقَ لنا إلا اللجوء لاتساع مخيلتنا، ولإيماننا بوعد النصر والانعتاق والتحرير. 

أرى الكثيرين من المحيطين بي يقعون أسرى محدودية واقع الوحش الغربي؛ هذا الواقع الشرس ليس سوى نتاج أحلام الغربيّ ورؤيته لعالم يتملّكه ويحكمه، وهو نتاج تخطيطه لتنفيذ رؤيته التي تتضمّن فرض العبودية والموت علينا. كما ثبَت لنا – بالدليل القاطع – خلال الأشهر الماضية، فإنّ واقع الرجل الغربيّ الأبيض ينصّ على إبادتنا ومحونا من على وجه الأرض. من موقعي المهني، أعتقد أنّ واجبًا أخلاقيًّا ملقىً على عاتقي للتوقّف عند هذه النقطة لالتقاط الزمام ومحاولة إعادة الفهم؛ لذا أحاول التحدّث مع من حولي من باب منطقٍ مختلف، وهذا المنطق يقوم قسرًا على هجر المنطق السائد. في علم النفس يُصنَّف من يفقد تواصله مع الواقع والمنطق السائد بأنّه مصاب بالذهان، وبذلك إن استمعت إليّ من داخل الحدود الضيقة التي يفرضها منطق الغربيّ السائد الذي نعيشه اليوم، فأنا أعترف لك بأنني أتحدث معك من موقع الجنون. ولكن مهلًا دعني أسأل: ما هو المنطق؟!

استناداً إلى نص الدكتور «لامار بروس» «كيف تصبح مجنونًا من غير أن تفقد عقلك»، واستنادًا إلى تحليل العاملة الاجتماعية «ايسماتو غويندلن» التي تخاطب مجتمعها الأسود الذي لا زال مستعبَداً من البيض في الولايات المتحدة، فيجب علينا التمييز بين مفهوم المنطق العام، والذي يشمل العمليات الإدراكية التي يتمّ توكيلها للعمل في نظامٍ محدد، والمعرفة الوضعية، العلمانية المتأصلة من المرحلة التنويرية الاوروبية، والتي تزعم التمسّك بالحقيقة الموضوعية بينما ترسم خريطة العالم من موقعها في الغرب، أيّ ما يسمّى «المنطق السائد». نُطلق على هذا النوع من المنطق تسمية المنطق السائد وذلك لأنّه على امتداد قرون الاستعمار الغربي الذي لا زال يحكم، تمّ فرض المنطق الغربي على جميع أنحاء العالم. فنحن الآن ندرس العلم الغربي في المدارس والجامعات، ونقرأ التاريخ من منظور المستعمِر الغربيّ، ونتحدث مع أطفالنا بلغته، ونستند باقتصادنا على قيمة الدولار الاستعماري، وننظر بالدونية لكلّ ما هو عربي و محلّي. فلقد ذوّتنا المستعمِر الغربي في نظرتنا لأنفسنا ولمجتمعاتنا، وأصبحنا نقيس إنسانيتنا بناءً على مقدار تماهينا وتشابهنا مع الغربيّ. (لدراسة تفصيلية عن تذويت المستعمر أُحيل  القارئ الكريم إلى أطروحتي عن تذويت المستعمِر الصهيوني في  سيكولوجية المقدسي). 

إذن، المنطق السائد هو منطق صانعي الواقع الحالي، وهو تجسيدٌ لمدرسة فكرية مفروضة علينا، يقرّر من خلالها صانع الواقع الغربيّ منْ هو العاقل ومنْ هو المجنون بناءً على مقياس التزامنا مع رغباته واحتياجاته لتحقيق رؤيته بالهيمنة على الأرض. ومن ينحرف عن هذه الرؤية يشكّل خطرًا ويتمّ تصنيفه على أنّه الإرهابيّ أو المتطرف أو المريض، وبذلك يتمّ قذفه ونبذه خارج دائرة من يفكّر في إطار المنطق المقبول أو بالأحرى المفروض والسائد.

 نعلم جيّدًا أنّ تحقيق أيّ هدف يبدأ بالخيال، وبالفعل يجب عليّ أن أتصور في مخيلتي ما أريده «هدفي»، ومن ثمّ أرسم خطة واقعية لتحقيق هذا الهدف ولإبرازه إلى الوجود. وكلّما تماشى الهدف المرجو مع معطيات الواقع كلّما كان تحقيقه أسهل؛ فمثلًا، من السهل على شخصٍ غني أن يحلم بتحقيق جملةٍ من الأهداف؛ مثل هدف ارتياد أفضل الجامعات، وامتلاك قصر، وافتتاح مشاريعه الخاصة…الخ. وبسبب توفر المقوّمات والموارد لديه والدعم المادي والنفوذ وشعوره بالاستحقاقيّة، فإنّ بوسعه أن يحقّق هذه الأهداف، وأن يطبّق هذه الرؤية ويجسّدها على أرض الواقع. وهنا لن يتجرّأ أحد على انتقاده، أو على استهجان أحلامه، بل على النقيض من ذلك تمامًا، سيتمّ وصف الشخص الفقير الذي يرسم نفس هذه الأهداف بـ«الحالم أو الساذج» إن عبّر عن رغبته في تحقيق نفس الأهداف، أو في أحسن الأحوال، ربما سيقال له باستهتار مشوب بشيء من الشفقة: «إن شاء الله يا أخي»!  

يُعزى ذلك إلى البعد الشاسع بين مخيلته وأهدافه من جهة، ومعطيات الواقع المفروض عليه من جهة أخرى. وهذا الأمر ليس حكرًا على فردٍ غني وفردٍ فقير، بل إنّه ينطبق على شتى الأهداف، سواءً كان الهدف إعادة تصميم غرفة أو إعادة تصميم نظام العالم. وإذا نظرنا إلى نظام ومنطق العالم الحالي، نتيقّن جيدًا بأنّ هذا الواقع ما هو إلّا نتاج مخيّلة الحاكم الغربي؛ فهو تخيّل نفسه دون نظير. وعليه، فهو يعتبر نفسه – بحق – المهيمن على العالم دون منازع. وهذا ما دعاه لأن يبدأ بمحو أسماء العلماء المسلمين الذين أورثوا البشرية مخزونًا علميًا إسلاميًا غزيرًا ونفيسًا، وبدأ في نسب الفضل إلى غير أهله؛ حيث عزا الغربيّ هذه العلوم الغزيرة جميعها ونسبها إلى الإغريق، وكأنّ القرون الزمنية التي اكتنفت الإنتاج العلمي الإسلامي في الفترة بين الإغريق ومرحلة التنوير الأوروبية لم تحصل، أو كأنّها كانت خارج دوران عقارب الساعة!

وكما وصف الكاتب «البيرت ميمي» بتحليله لسيكولوجية المستعمِر؛ فقد فبرك الغربيّ روايته الأسطوريّة عن نفسه؛ حيث قدّم نفسه عالمًا وباحثًا وإنساناً، وبالمقابل فبرك روايته الأسطورية عن «الآخر»؛ أيّ من هو ليس غربيًّا فقدّمه عبدًا آبقًا، وإرهابيًا مارقًا، ووحشًا مفترسًا يقبع في مجاهل الكوكب المظلمة. وقسّم «الآخر» إلى أصناف؛ فمنهم من هو بحاجة للتنوير وإعادة الصياغة لغايات التجنيد، ومنهم من هو بحاجة للإبقاء عليه كما هو لغايات الاستعباد، ومنهم من هو بحاجة للإبادة لشدّة خطورته على مشروع الإنسان الغربي. ونفّذ الغربيّ هذه الرؤية خطوةً خطوة؛ فتسلّح، واستعمر العالم، وأسّس منظمات ومحاكم عالمية لضبط ما أسماه «حقوق الانسان» علمًا بأنّ تعريف الإنسان كما نرى الآن هو تعريفٌ مرن يتمّ تطبيقه بناءً على التزام المجموعات بإطار رؤية الحاكم الغربي. وكما تعلم عزيزي القارئ، فإنّ الفلسطينيّ يقع في الخانة الأخيرة؛ فوجودنا على أرض فلسطين يتضارب وبشكلٍ مباشر مع رؤية الحاكم الغربي الهادفة إلى السيطرة على العالم العربي؛ إذ إنّ وجود المستعمَرة الصهيونية في قلب الأرض العربية يعدّ ركنًا أساسيًّا وأصيلًا لتوكيل موارد الأرض العربية وإنسانها في خدمة الحاكم الغربي الذي يتّصل مع الأرض بعلاقة استخراجية واستنزافية واستلابية. وإنّ أراد الغربيّ استخدام الأرض العربية لمنافعه، فعليه أن يسيطر عليها ويحكمها أولاً عن طريق بناء مستعمَرةٍ في قلب هذه الأرض ومن ثمّ توكيل حكّام البلاد المجاورة لحفظ وترسيخ وتعزيز الهيمنة الغربية، ولا مكان للفلسطيني في هذه الرؤية. وها نحن نتعرّض لأوضح أنواع الإبادة الجماعية في تاريخ البشرية، وإنْ حصرنا أنفسنا بحقائق الواقع السائد المفروض، ونظرنا لمكاننا في العالم من منظور المنطق السائد، فلن نرى لنا وجودًا حقيقيًا ذا معنى، وهذه هي حقيقة الرؤية الغربية الحاكمة، الأمر الذي يؤدّي إلى تقمّص الفلسطيني رؤية تتسم بالعدمية، إذا قبِل وبقيَ راكدًا في هذا الاطار الفكري.

من هنا، فإنّ العدمية التي يعاني منها العديد من الفلسطينيين الآن هي نتاج سجننا داخل حدود الواقع المفروض بناءً على المنطق السائد. ولكن من منّا لم يحلم بفلسطين المحرّرة؟ من منا لم يرَ صورًا لأرض فلسطين المسلوبة، ولم يتخيّل نفسه يتمتع بجمالها الخلاب؟! لم أذهب يومًا إلى يافا مع عائلتي أو أصدقائي دون أن أختار بيتًا من بيوت بلدتها القديمة لأعيش فيه، بل في كلّ مرة تساءلت – وما زلتُ أتساءل- إن كان أهلها الفلسطينيون الأصليون سيسمحون لي بشرائها أو استئجارها بعد التحرير؟! نشارك بعضنا هذه الأحلام، ولكن سرعان ما نستهتر بهذه الرؤية؛ إذ أنّ الواقع الوحشيّ المتمثّل في عَلَم المستعمَرة، وجسد المستعمِر المنتشر في كل زاوية من المدينة، يعود ليتطفّل على رؤيتنا للمستقبل ويسخر منها حين ينسب – مشككًّا – رؤية التحرير هذه الى عالم الأوهام، إذ أنّ فلسطين المحرّرة بعيدة جدًا عن الواقع المفروض ولا تتماشى مع المنطق السائد.  

هذا ما يحدث عندما يقع الهدف خارج إطار الواقع المفروض، ولا يتماشى مع المنطق السائد. نتعامل مع هذه الرؤية كما نتعامل مع رؤية الشخص الفقير الحالم بالنجاح ونقول لبعض بمواساة وشيء من الاستهتار «إن شاء الله حبيبتي». المنطق السائد هو منطق إبادة الإنسان الفلسطينيّ، أمّا رؤيتنا فتهدف لتحرير أرض وشعب فلسطين وهي مستمدّة من منطق الاستمرارية والازدهار المبني على رؤية تتضارب وبشكلٍ مباشر مع الواقع. فإذن، ليس لدينا خيار سوى أن نخرج خارج حدود المنطق السائد، وأن نرحب بتواجدنا في مكان اللامنطق. أصفُ هذا المكان باللامنطق لأنّه يقع في الحيّز ما بين المنطق السائد الحاكم وما بين منطق الازدهار الذي لم يجِد حاضنة – بعد – على أرض الواقع. فالانتقال إلى منطق الازدهار يتطلّب السفر عبر حيّز اللامنطق، وهذا هو الحيّز الذي بدأتُ أجد فيه نفسي الكثير من الفلسطينيين والفلسطينيات. سأصف ما لاحظته من تغيّر وتطور في تركيبة السيكولوجية الفلسطينية على مدى الأشهر الخمس الماضية والذي كنت في البداية أراه من إطار المنطق السائد كأعراض الصدمة، ولكنّني الآن أرى الكثير منه كصفات الفرد عندما يتواجد في حيّز اللامنطق. ففي الواقع، لا يمكن نفي حقيقة أن ما نراه من وحشية وسفك لدماء إخوتنا وأخواتنا في غزة قد تسبب بظهور تكيّفات يمكن أن تُصنف بالمرضيّة لو أنّ الواقع كان صحيًّا؛ يعني لو أنّ الواقع مبنيٌ على منطق الازدهار. ولكن بما أنّ الواقع مبني على منطق الإبادة السائد والذي لا يمكن له  سوى أن يولّد واقعًا مرضيًّا، فإنّ وسائل تكييف الفرد الفلسطيني تتماشى مع الواقع المرضيّ. 

من موقعي المهنيّ، أرى أنّ سيكولوجية الفلسطيني تتأرجح بين هذين المكانين من التأقلم في الوقت الحالي؛ فالبعض يقضي وقتًا أكثر في إطار اللامنطق، والبعض الآخر يقضي وقتًا أكثر في إطار المنطق السائد، وكلٌ متأثر بمتطلبات البيئة المحيطة به، وقدراته الفكريّة والنفسيّة. ولكنّني أقلق على من لا يتأرجح بين الاثنين، وعلى من ينحصر في إطار المنطق السائد، هنا تقع العدمية، والتي تأخذ اسم «الواقعية» خلال محادثات الفلسطينيين فيما بينهم، فتأتي متّصفةً بقمعية المنطق السائد لتوقّف حوارات رؤية التحرير والخطط التي من الممكن أن تنتج عن هذه المحادثات إذا ما أُعطيت حيّزًا في الحوار. هنا يحرّم الفلسطيني عالم الخيال عن نفسه، وعن غيره من رفقائه الفلسطينيين، ويصرّ على فرض حدود المنطق السائد حتى بالفكر المشترك. 

 عندما قال شاعرنا محمود درويش «سقط القناع»، أعتقد أنّه قال ذلك من مكان اللامنطق في إشارةٍ منه إلى وضوح رؤيته لواقع الإبادة، بقوله: «حاصر حصارك بالجنون»، فإنّما كان يحثّنا على ترك حيز المنطق السائد، وهذا ما يحصل للكثير منا الآن، حيث لم نعد نتواصل مع أنفسنا ومع العالم بناءً على المنطق السائد، بل من مكان اللامنطق؛ أيّ الجنون، جنون التحرير يتّصف برفض ما هو قائم ويتضمّن التقدّم نحو ما سيكون. بناءً على المنطق السائد، فإنّ الفرد الذي يختبر ذكريات المجازر السابقة في صحوته وفي نومه مجنون، والشخص الذي يشعر بغضب عارم قد يحرق فيه العالم أجمعه مجنون، والشخص الذي يتصالح مع حتميّة موته، ويتقبّل احتمالية استشهاده أو سجنه من أجل تحرير المجموعة مجنون، والشخص الذي يرفض أن يقبل الرواية السائدة عن واقعه مجنون، والشخص الذي يخطّط للمستقبل بمعطياتٍ مختلفة جدًا عن معطيات الواقع الحالي حالمٌ ومجنون! 

أملنا الوحيد هو أنه بينما يمكن توصيف شخص واحد بالجنون، لا يمكن أن يوصّف شعب كامل بالجنون، كما قال الشاعر تميم البرغوثي «إذا لم يخذل بعضنا بعضاً»، فلا تخذلنا أخي الفلسطيني وأختي الفلسطينية بالتمسك في المنطق السائد، بل اسلك درب الجنون مع البقية من شعبك، ما من خيار سوى هذا الطريق أو الانتظار في مكان العدمية حتى حلول وقت إبادتنا؛ «فإمّا أن تكون أو لاتكون». هنا أدعو القارئ الكريم أن يشاركني بصنع عالمنا الآتي؛ بتسخير معرفته و مجاله المتخصص، فنحن الآن بحاجة إلى لقاءات مجتمعيّة ومؤتمرات تخصصيّة أكثر من أي وقت مضى للتخطيط، و حتى نرسم خطوات التحرير وتأسيس فلسطين كما نراها في رؤيتنا المشتركة. ألم تسمع بأنّ الصهاينة عقدوا مؤتمراً للتخطيط لإعادة استعمار غزة؟ هذا ما يفعله المستعمِر بشكلٍ مستمرّ ودوري، يلتقون ليحلموا مع بعضهم البعض ويرسموا خططًا لمستقبل مستعمَرة «إسرائيل». وبينما تكون أحلامهم مقبولة ومرحباً بها في سياق المنطق السائد، تأتي أحلامنا مع طريقٍ أطول وأصعب وأكثر شوكًا، لكنّ هذه الأحلام لا تبعد سوى بُعْد القلم عن الورقة حتى تصبح واقعًا. فنحن، وبثمنٍ باهظ ومؤلم جدًا، وصلنا إلى مكان التحرير في تركيبتنا النفسية، ولقد آن الأوان كي نسلك درب الجنون في سلوكنا كمجموعةٍ حتى يُصبح منطق الازدهار هو واقعنا، وصولًا إلى تحقيق الغاية الكبرى «التحرير».