تقدّم لنا عروبة عثمان قراءةً موسّعةً في كتاب “مشاعر محجّبة: الشرف والشعر في مجتمع بدوي” لليلى أبو لغد، حول سياسات المشاعر الاجتماعية والشعريّة المتناقضة لقبائل “أولاد علي” في الصحراء الغربيّة في مصر.

توطئة
تحفر ليلى أبو لغد، في مشاعر محجّبة: الشرف والشعر في مجتمعٍ بدويٍّ، في الحياتَيْن الاجتماعيّة والثقافيّة المختلفتَيْن للمشاعر في مجتمع “أولاد عليّ” البدويّ في الصحراء الغربيّة في مصر، طارقاً مخيّلتَها سؤالٌ محوريٌّ متعلّقٌ بإنتاج “أولاد علي” خطابَيْن منفصلَيْن ومتناقضَيْن ثقافيّاً للتعبير عن المواقف الاجتماعيّة والإنسانيّة ذاتها، أحدهما يكمن في مجرى الحياة العاديّة، والآخر يسري في الخطاب الشعريّ. [1] لاحظتْ الباحثة، أثناء معايشتها الإثنوغرافيّة للقبيلة ما بين 1978- 1980، خضوعَ الخطاب العادي إلى أيديولوجيا المجتمع البدويّ المتمثّلة في قيمتَيْ الشرف والحياء (الحِشمة) بشكلٍ رئيسيٍّ، فيما بدا الخطاب الشعريّ مُتفلِتاً من تلك الأيديولوجيا، مُنتهِكاً ميثاقَ الشرف العام، مُتسائِلةً بذلك عن أسباب التوفيق بين هذين العالمَيْن المتعارضَيْن.

ينطلق الكتاب من فكرة تعذُّر استيعاب هذا التناقض العاطفيّ دون تفكيك منطق النظام الأخلاقيّ للمجتمع الكامن وراء اختلاف تلك الممارسات الاجتماعيّة ومعانيها ومبرّراتها. كما ينطلق من أنّ الدورة الاجتماعيّة للشعر البدويّ تتخطّى التحيّزَ الجندريّ المُشبّع بثيمات الرجولة والفخر القبليّ، باتجاه فهرسته الحميميّةَ الاجتماعيّة وتقريب المسافات بين رجال القبيلة ونسائها. تفتح أبو لغد أعيننا على وظائفَ جديدةٍ للشعر تمكّن أفراد المجتمع البدويّ، عبْر حِيَلٍ وصيغٍ لغويّةٍ، من تحرير تجاربهم ومشاعرهم المقموعة والمحجّبة في مجرى حياتهم اليومية، دون تهديدهم بأيّ وصمةٍ أخلاقيّةٍ اجتماعيّةٍ تُلحَق بهم، نظراً لخروجهم عن قانون المشاعر العام، وهو ما سنوضّحه أدناه.

يشتمل الكتاب على ثمانية فصولٍ مُتفرّعةٍ إلى جزئين، بالإضافة إلى مدخلٍ تستعرض فيه الباحثة تجربتها الميدانيّة والتحديات التي واجهتها في حينها، فضلاً عن تعقيبٍ تختتم به الكتاب، كتبتهُ بعد 30 عاماً من الصدور الأول للكتاب، ويمثّل مراجعةً نقديةً لتجربتها الماضية وجدوى العمل الإثنوغرافي بالمجمل. في الجزء الأوّل من الكتاب، تمضي الباحثة باتجاه تشريح المفاهيم الثقافيّة الأساسيّة التي يحملها “أولاد علي” عن معنى الانتماء إلى المجتمع، والعلاقات الاجتماعيّة؛ أي باختصار الكشف عن أيديولوجيا الحياة الاجتماعيّة التي تمكّن البدو من إدراك عالمهم. أمّا الجزء الثاني من الكتاب، فيستكشف مدى العلاقة الوطيدة بين البدو والشعر في الحياة اليوميّة، وخطاباته المُقاوِمة للقيم المجتمعيّة التقليديّة، وإنتاجه سياساتٍ مختلفةً للمشاعر.

الوظائف الاجتماعيّة للمشاعر المحجّبة

تُطلعنا أبو لغد بعمقٍ، في الجزء الأوّل، على أيديولوجيا القرابة وعلاقات الدم التي تشكّل رؤية “أولاد علي” لعالمهم الاجتماعيّ، والمرتبطة بالدرجة الأولى بقيم الشرف والاستقلاليّة والسلطة. وجدت الباحثة أنّ هذه القيم الثقافيّة الصارمة التي يخضع لها البدو، تدفعهم إلى قمع مشاعرهم وكبتها في خطاب الحياة العادية، وهو متّصلٌ بالدرجة الأولى بالهرميّة الاجتماعيّة ومفاهيم إحقاق السلطة والنفوذ لدى رجال المجتمع البدويّ. [2]

بتعبيراتٍ أخرى، يتطلّب من المرء لإحراز مكانةٍ اجتماعيّةٍ مُثلى تضمن له مزيداً من السلطة والهيبة، رفضُ التعبير عن مشاعره الحقيقيّة الخاصة، وإحلال بدلاً منها عالمٍ “مثاليٍّ” جديدٍ من المشاعر يعزّز بدوره قيم السلطة المجتمعيّة. بالمقابل، تُظهر لنا أبو لغد كيف أنّ النساء البدويات يسلكن طريقًا آخرَ في سبيل برهنة خضوعهنّ لأيديولوجيا الشرف والحشمة، حيث يُستدعى منهنّ تبيانُ تبعيّتهنّ الكاملة لرجال العائلة وحجب أنفسهنّ عن الغرباء والانعزال عن عقد علاقاتٍ اجتماعيّةٍ معهم. [3]

ترى أبو لغد أنّ خطابات الشرف والحياء المُنتَجة باستمرار في الحياة العادية البدويّة هي ما تقود، من جهةٍ، رجال المجتمع البدويّ إلى مقاومة مشاعر الفقد والحبّ، عبر توجيهها إلى إلقاء اللوم على الآخرين وتبيان الغضب تجاههم والعدوانيّة أحياناً. في هذا السياق، يُعتبر تبيان مشاعر الألم والحزن على فراق الأحبّة علامةً على العجز الجنسيّ، أو منوطةً فقط بالأنثى والشاب والضعيف، الأمر الذي يقوّض من هيبة الرجال وسلطة الشرف المسعيّ إليها. [4] من جهةٍ أخرى، يُحظر على نساء المجتمع البدويّ التعبيرُ عن الحبّ والجنس في التفاعلات الاجتماعيّة العاديّة، لأنّ هذا يصطدم بقانون حشمتها المحدّد من رجال القبيلة.

اللافت في عمل أبو لغد استخدامُها منهجيّة تحليل الخطاب بهدف الانكشاف على التناقضات التي يبعثها الشعر و”الغناوات” مع الخطاب العادي من حيث المسار الاجتماعيّ والأخلاقيّ للمشاعر. يعود هذا، بالدرجة الأولى، إلى اعتبارها الشعرَ عالماً يتجاوز كونه مادةً أدبيّةً محض، فعلى الرغم من أنّ المركزيّة الثقافيّة للشعر والأغنية كأداة تعبيرٍ ليست بجديدة، إلّا أنّها ترى أنّه نادراً ما دُرِس الشعر في سياق استخداماته الحيّة اليوميّة وسياقاته الاجتماعيّة المباشرة المتفاعلة معه. [5] وعلى إثر ملاحظتها إلقاءَ البدو أشعارَهم في سياقاتٍ اجتماعيّةٍ محدّدةٍ، لم تستطع إلّا دمجه ضمن خطاب الحياة الاجتماعيّة الذي يستوجب كشفه وتحليله، بالتقاطع مع تحليلها مفاهيمَ الشرف والحشمة المتعلّقة بالدمّ والقرابة والسلطة، والتي تلعب دوراً مركزيّاً في تحديد ما يتحتّم على البدو قوله وفعله. [6]

يمكن القول إنّ أبو لغد نجحتْ في كتابها بالابتعاد عن التصوّر النمطيّ للشعر البدويّ باعتباره شعراً صادراً حصراً عن رجال القبيلة، ويُوظَّف في الصراعات السياسيّة مع القبائل الأخرى. فبعد أن مكّنتها هويّتها الجندريّة من الولوج إلى عالم الشعر البدويّ النسائيّ المتّسم بالسريّة، اكتشفتْ أنّ النساء البدويات لسْنَ مجرّد ذوّاقاتٍ للشعر و”الغناوات” القصيرة، إنّما يمتلكن علاقاتٍ اجتماعيّةً مختلفةً عن تلك السائدة، وعالماً حميميّاً من المشاعر المحجوبة.

الشعر فنّ الممكن البدويّ

يشكّل الشعر عند “أولاد علي” عالماً ثقافياً تتجاوز قصائده راهنَ الحياة العادية إلى ماضي الناس البعيد والقصص المتوارثة والأسطوريّة. [7] كما يتيح الشعر مجالاً واسعاً من تفريغ المشاعر والتجارب الشخصيّة لرجال المجتمع البدويّ ونسائه، والتي لطالما حُجبت في السياق العام، دون أن يُوصَم مُلقو/ ملقيات القصائد بتحدّي النظام الأخلاقي المجتمعي والخروج عن قوانينه وقيمه. بكلماتٍ أخرى، يوفّر الشعر ممكنات التعبير بصيغٍ جمعيّةٍ لا تحيل إلى الفرد المُلقي مباشرةً، كما يستوعب مخاطبة هوياتٍ مجهولةٍ.

وعليه، يمكن القول إنّ الخطاب الشعريّ يقدّم للمجتمع البدويّ جملةً من الحِيَل الشعريّة التي تمكّنهم من التعبير الشفّاف عن ذواتهم وما يمرّون به من مواقف حزنٍ أو تعلّقٍ بالآخرين، دون أن يُتهموا بانتهاك منظومة الشرف والحياء، بل يتمكّنون بذلك من تأطير تجاربهم ضمن تجارب الآخرين، بشكلٍ يؤكّد عالميّة تجاربهم/ن، على حدّ تعبير الباحثة. [8] إنّ ممكنات الشعر تلك تحصّن صاحبات القصائد، تحديداً، من تلويث سمعتهنّ في حال كشفنَ قصائدهنّ أمام الجماعة غير المناسبة، بداعي أنّه مجرّد شعرٍ وأغانٍ ينهل من تجاربَ ماضويةٍ واسعةٍ، ولا يتعلّق بالدرجة الأولى بتجاربَ مُعاصرةٍ للنساء. [9]

“ليلة فراق عزيز

غطاط نجوم ولا قمر…”

“شديد عزم في التصميل

العقل ما بكا نين فارقوا…”

تندرج هذه المقاطع الشعرية أو “الغناوات” التي تلقيها نساء القبيلة، ضمن مظلّة التعبير الحرّاق عن مرارة الفراق أو التحلّي بالسلوك الرواقيّ عند حلوله، تحديدًا من جهة الحبيب. وفي حين تُسدِل المرأة البدويّة الستائر على مشاعرها الشفيفة في الخطاب المكشوف للحياة الاجتماعيّة، فإنّ الشعر يمكّنها من مجاراة حالة الإعياء الحقيقيّة التي تتكبّدها لحدّ فقدان البصر مجازيّاً جرّاء لوعة الافتراق:

“فراق الشقيق صعيب

القلب صاف والعين غوننت…”

وفي الوقت الذي تمتثل فيه حساسيّةُ البدو للشعر إلى عبارة “الشعر الجميل يبكيك”، لتنهمر الدموع من عيونهم حين سماعهم قصائدَ يخيطون عبْرها جرح أصحابها مع جرحهم، فإنّ سيدةً بدويّةً تُدعى “مقدِم” يجلُّها كثيرون في قبائل “أولاد علي”، تتعرّض للمفارقة لمعاملةٍ شائنةٍ من ابن أخيها، لتغني بحزن:

“ما نحسبوك تدير

سيات كيف هذين يصعبو…”

“رمانا جداب الأوطان

على ناس عوجا لغتهم…”

تُحرِّر مقدم شعورَ القهر حصراً عبْر الشعر؛ ذلك أنّ الخطاب الاجتماعي العادي يستدعي منها حجب الإقرار بالشعور بالمهانة، حفاظاً على صورتها كامرأةٍ قويّةٍ ومُقتصدةٍ في المشاعر الرهيفة.

تجدُر الإشارة إلى أنّ “الغناوة” عبارة عن أغنيةٍ صغيرةٍ تُلقى على هيئة أنشودةٍ، تتمّيز عن الأغاني الأخرى من جهة القافية واللحن. تتكوّن “الغناوة” من بيتٍ واحدٍ مؤلّفٍ من حوالي خمسة عشر مقطعاً، ويتفرّع بدوره إلى شطرين. عادةً ما يلقيها الرجال والنساء بأساليبَ متعدّدةٍ، تِبعاً لمحدّدات الموهبة والظروف الاجتماعيّة وتقلّبات الحياة الشخصّية والعلاقات الإنسانيّة.

الدورة الاجتماعيّة للمشاعر المتضاربة

في خضمّ هذين العالمَيْن المختلفَيْن من حيث المشاعر، يتبدّى لدينا أنّ ثمّة وظائفَ اجتماعيّةً مختلفةً للمشاعر في كلٍّ من خطاب الحياة العادية والخطاب الشعريّ. بينما تؤدّي المشاعر المُعبَّر عنها في الخطاب الأول مهمّةَ حيازة السلطة والحظوة الاجتماعيّة وإثبات الاستقلاليّة، تذهب المشاعر باتجاه طريقٍ اجتماعيٍّ مغايرٍ في الخطاب الثاني؛ إذ يُسعى من خلالها إلى التضامن وسؤال المساعدة وتضييق المسافة الاجتماعيّة والتواصل بين العشّاق كذلك.

أمّا على صعيد السياقات الاجتماعيّة للخطابَيْن، فلاحظتْ الباحثة الإثنوغرافيّة أنّ الخطابات الشعريّة يجري إنتاجها في سياقاتٍ اجتماعيّةٍ محدّدةٍ تتّسم بعلاقات القرابة والصداقة بين الملقين والمستمعين. [10] كما عادةً ما تكون هذه السياقات مُنغلقةً على عالم جنسيٍّ أو جيليٍّ بعينه، حيث تجتمع النساء منفرداتٍ لإلقاء الشعر، والحال كذلك لدى الرجال والشبّان.

المهمّ هنا أنّه لا يمكن تحليل التناقض بين الضعف والتعلّق بالحبّ في “الغناوات”، وبين استعراض مشاعرهم في الحياة العادية بشكلٍ محدّدٍ اجتماعيّاً وباعثٍ على الفخر والاستقلاليّة، وفق مفاهيم الرياء والنفاق وتصوير المجتمع كمُرتدٍ للأقنعة الاجتماعيّة، ويحمل أفراده شخصيةً مختلفةً “خلف الكواليس”. [11] بل يجب أن يُحلّل ويُقرأ باعتبار أنّ الشرف والاعتداد بالنفس محرّكٌ أساسيٌّ في حياتهم الاجتماعيّة، والذي يجعل الناس يكافحون من أجل الوصول إلى المعنى المثالي له كتعبيرٍ عن التزامٍ بالمجتمع، وبالتالي العيش وسط صعوباتٍ وتحدياتٍ كبيرةٍ تحجب مشاعرهم للرجال والنساء على حدٍّ سواء. [12]

فمثلًا، تطال المواراةُ المشاعرَ المرافقة للموت في مجتمع “أولاد علي”، ما يخلق من العالم الشعريّ مجالًا حميميّاً يتعلّق به نساء القبيلة ورجالها للبوح عن كدر الموت بصفته الفجيعة الكبرى والخسران النهائي:

“يطول حدود مناه

ولابات في يوم هني…”

“خطورا على غفلات

بكّا العين في وان الطرب…”

كما تشكو والدة قتيلٍ عجزَها عن النسيان والغفو في الليل:

“النوم حرّمه عزاز

إن جانا يجونا في أوّله…”. يأتي ذلك خلافًا لحالة الغضب والحضّ على الثأر التي تطغى على الخطاب الاجتماعي العام “يتضامر تقول سليل/ طالب عظم في دين سلك“. بذا، فإنّ الشعر يحرّض النساء تحديداً على ممارسة قمعٍ محبّبٍ للقمع المُتعارف عليه لمشاعرهنّ الملازمة للفقدان، لتشدو أرملة القتيل:

“اللي مريض فيه ياسات

وروني دواء دا إسمه…”

“العين غارقة في الياس

تقول يا نصيبي في الغلا…”. أمّا شقيقته التي تخلع قشرة القوّة الظاهرة للعيان عن جسدها، فيكشفنا شعرها على مرضها جرّاء الغياب: “خليت يا عزيز العين/ تموج لا نماء ولا عافية…”

“بلولهم غير دموع

الخاطر عزا دار في العلم…”

“عزيز للكفا ما هان

ساياتها خطا وجعتني…”

تبوح هذه “الغناوة” عن الألم الذي يسري في جسد رجلٍ بدويٍّ يُدعى رشيد، على إثر عزوف زوجته عنه وهروبها بعد شهرٍ من زواجها منه. تأتي هذه القصيدة مُناقِضةً لما يُظهره رشيد في الحيز العام، حيث تُحتّم عليه مشاعرُ الكرامة العالية المفروضة من الأيديولوحيا البدوية، إبداءَ التماسك وإلقاء اللوم على الآخرين بمحنته التي يقاسي. وعليه، فإنه من أجل عدم الانتقاص من رجولة ذاته أمام غيره وتظهير حزنه وضعفه، ألقى رشيد على زوجته الأولى عبء تفريق زوجته الثانية عنه على إثر اتهامها بممارساتها أعمال سحر إزاءهما.

وما كان من الزوجة الأولى إلا اللجوءُ إلى الشعر لتفجير مشاعرها من اليأس والقنوط والإحساس بالهجر:

“مساك ياس وغيظ

براح خاطري ضيق بهن…”

“شجرة خاطري من الياس

زمان موتا عروقها…”

وفي موضعٍ آخر، تناشد زوجها الغائب عنها ردّ شيءٍ من الاعتبار لها بهمساتٍ غاضبةٍ:

“شحنت خاطري بغلاك

بفضولك مراسي ديرلي…”

“علّت أسعارها على الناس

قفلت بابها ما ميّرت…”

“لو كانوا هاودوني خير

من حاش عاندو عاندتهم…”

في نهاية المطاف، تخلُص أبو لغد إلى أنّه ما من خطابٍ بين هذَيْن الخطابين يُعتبر متفوّقاً اجتماعيّاً وثقافيّاً على الآخر، [13] فكلاهما يعبّران بنفس الدرجة عن المجتمع البدويّ والعلاقات والقيم التي تنتظم داخله، ما يُقوِّض نظرياتٍ ثقافيّةً كثيرةً تفسّر المجتمعات البدويّة من منظورٍ أحاديٍّ متجانسٍ عادةً ما يُوضَع مقابل الثقافة الغربيّة “الحداثيّة”، بغرض تبرير أيّ قمع ٍأو استبدادٍ لمثل هذه المجتمعات. على هذا الصعيد، يُكرّس الكتاب نظرةً مختلفةً لحجاب النساء البدويّات، والذي عادةً ما استدخلهُ الغرب ضمن المنظومة القهريّة للنساء المسلمات اللائي يُصوَّرن بحاجتهنّ إلى “مخلّصٍ” غربيٍّ لتحريرهنّ من “الرجال الأصليين المتوّحشين”.

وجدت أبو لغد، وسط معايشتها لنساء “أولاد علي”، أنّ ثمّة طبيعةً طوعيّةً للحجاب مرتبطةً بالثقافة المحليّة، حيث يُعتبر لباساً تقليديّاً تتمكّن النساء من خلاله على “التفاوض” على العلاقات الهرميّة والتواجد في المناسبات الاجتماعيّة. فكون النساء، كما الرجال البدو، يكافحْنَ من أجل تحقيق نفس القيم المستقلّة، يُفهم هذا الاحترام الطوعيّ على أنّه إظهارٌ للاستقلال وتَبَدٍّ للفاعليّة الأنثويّة. [14]

نحو تعقيد الثقافة وتفكيك السرديّة الاستعماريّة

تأسيساً على ما تقدّم، يمكننا القول إنّ التمترُس الغربيّ عند تصنيف المجتمعات البدويّة برمّتها تحت وصمة “مجتمعات الشرف”، والتي زادت طفرتها في تسعينيّات القرن الماضي، بجانب قراءة هذا العالم من زاوية الهوس الأنثروبولوجيّ بالحجاب، وتعدّد الزوجات، وقوانين الشرف، وغيرها، يُعتبر محمولاً على أبعادٍ وأغراضٍ سياسيّةٍ واستعماريّةٍ. [15] عادةً ما يجري من خلال تحويل مثل هذه العلامات والأيقونات الثقافيّة إلى إشكالاتٍ مركزيّةٍ، تبريرُ وشرعنة التدخّلات السياسيّة والعسكريّة في المنطقة من قِبل القوى المهيمنة الغربيّة، بذريعة “تحديثها” وتخليصها من الروح الرجعيّة والقهريّة.

في السياق عينه، توضّح أبو لغد أنّ اعتبار قبائل “أولاد علي” ممثّلين لثقافةٍ سيئةٍ لم ينحصر فقط في التيارات الليبراليّة الغربيّة، إنّما امتدّ إلى التيار النسويّ في مصر، والدولة المصريّة البوليسيّة التي برّرت قمعها لها على هذا الأساس. [16] على إثر هذه الأحكام المسبقة على ثقافة المجتمع البدويّ، تنحاز الباحثة إلى بناء وصفٍ إثنوغرافيٍّ دقيقٍ لحياة المرأة البدويّة بعيداً عن التعميمات التي لا تعبّر حقيقةً عن كيف تعيش هذه المجتمعات حياتها، لتتحدّى بذلك النشر السياسيّ الغربيّ للاختلاف الثقافيّ كذريعةٍ للتدخّل والاستبداد الاستعماريّيْن. وعليه، فإنّ الكتاب يكشفنا على قوّة نساء المجتمع البدويّ وإدارة ذواتهنّ بمزيجٍ من الصبر والكرامة والفخر، بجانب تبيانها اعتدادَ البدو بأنفسهم ونظمهم الأخلاقيّة إجمالاً.

وعلى الرغم من أنّ أبو لغد أوضحتْ في الكتاب التناقضَ الاجتماعيّ والثقافيّ للمشاعر بين خطاب الحياة العادية والخطاب الشعريّ، على نحوٍ يبرز تعقيد الثقافة وتركيبها هناك. غير أنّها عبّرتْ بعد سنواتٍ من صدور الكتاب عن خشيتها من تسطيح الإعلام الغربيّ عملَها الذي يتقاطع فيه الحديث عن الحب والجندر والزواج والجنسانيّة من أعين النساء والفتيات والرجال الذين عرفتْ، لالتقاط بعض مقاطعه لوصم المجتمع البدويّ بالتخلّف وقهر النساء، وبالتالي تحقيق أهدافٍ استعماريّةٍ.

كما تصاعد خوفها بعدما شنّت الدولة المصريّة حملاتٍ متتاليةً شرسةً ضدّ قبائل “أولاد علي”، بذريعة خروجهم على القانون وممارستهم أعمالاً غير مشروعةٍ، متّهمةً أفرادها بدعمهم للجماعات الإسلاميّة. قادتها هذه التحوّلات الهائلة إلى الشعور بمسؤوليةٍ مضاعفةٍ تجاههم؛ إذ كانت قد أوردتْ في كتابها خروجَهم على سلطة الدولة والأنماط الاقتصاديّة والاجتماعيّة الخاصة التي شكّلوها بعيداً عنها.

بعد هذه السنوات الطويلة، تعود أبو لغد بشكوكٍ حول الإثنوغرافيا وجدواها، معتبرةً افتراض “حسن النيّة” في هذه المنهجيّة لم يعد مقنعاً. [17] تُسائل الباحثة نشرَها بعض المسائل في الكتاب، والتي تراها اليوم بدون جدوى أو اسُتغلت في مشاريع أخرى. كما تسائِل الهدف الإثنوغرافيّ في محاربة الآراء السلبيّة التي شكّلها الغرب وبعض العرب حول المجتمعات البدويّة، وكأنّ الإنتاج المعرفي حول هذه المجتمعات قلقٌ بتصويب الصورة لدى الجماعات التي تجهل الحياة الحقيقيّة المركّبة للبدو.[18] قادتها مثل هذه الشكوك إلى التفكير في قناةٍ معرفيّةٍ جديدةٍ لصالح البدو وثقافتهم، عبر إنشاء موقعٍ إلكترونيٍّ يتضمّن كلّ التسجيلات الشعريّة والغنائيّة التي سجّلتها أثناء عملها الميداني في مجتمع “أولاد علي”.

الباحثة ابنةً بالتبنّي

تُلفت أبو لغد انتباهنا إلى أنّ والدها الباحث إبراهيم أبو لغد هو من سهّل عبورها إلى المجتمع البدويّ وانخراطها في حياة أفراده. [19] كان والدها مُدركاً للحساسيّات التي قد تثيرها هويتها لدى المجتمع، بوصفها نصف عربيّةٍ وغير متزوجةٍ كذلك. نلاحظ على مدار الكتاب أنّ اللقاء الذي تمّ بين والدها والحاج (أحد زعماء القبيلة) هو من سيجعل منها بمثابة ابنةٍ بالتبنّي، ويفتح لها هامشاً كبيراً من تشاركها مع أسرة الحاج كثيرًا من التجارب. ورغم أنّ الحاج نظرَ إليها كباحثةٍ بإمكانها التحادُث مع أفرادٍ خارجين عن أسرته بشرط الاستئذان، إلّا أنّ اعتبارها عنصراً رئيسيّاً في مجتمعهم الأخلاقي قوّض من حريّتها في التحرّك وتوسيع عدسة الإثنوغرافيا كيفما تصوّرت قبلاً. لكن لكون أبو لغد أنثى وابنةً فقد ساهم ذلك في غرس الثقة بينها وبين نساء العائلة، ما جعلهنّ البؤرة المركزيّة لعملها الإثنوغرافيّ، حيث شعرن بالراحة أمامها وهنّ يغنين القصائد.

عالجت أبو لغد، بذلك، الثقافة البدويّة والعلاقات الاجتماعيّة التي تفرزها من منظورٍ أصليٍّ أنثويٍّ قدّم نظرةً ثاقبةً إزاء المجموعة ككلٍّ. لم يعنِ ذلك استبعاد الرجال الذين لم تستطع، بفعل هويتها، الوصول إلى عالمهم الداخلي مباشرةً باستثناء الحاج، بل من خلال “غناوات” النساء تمّ استكشاف بعض جوانب عوالمهم. تصف أبو لغد تجربتها في العمل الميداني بأنّها “عمليّة التنشئة الاجتماعيّة بدلاً من الملاحظة”، حيث أصبحت جزءاً من المجموعة قادرةً على رؤية أشياء من “داخل” الثقافة. [20]

اللافت في تجربة أبو لغد أنّها استخدمت “المنهج غير الموجّه” (Nondirective approach) في بحثها الإثنوغرافيّ، حيث ابتعدتْ عن نمط المقابلات المنظّمة والأسئلة المرتّبة سلفاً. [21] ساعد هذا على اعتبارها عضواً منتمياً إلى عالمهم الاجتماعيّ، ما جعلها أمام انكشاف النساء الكبير عليها ألّا تدوّن الملاحظات في حضورهنّ، وتستعين بذاكرتها ليلاً في تدوين ما لاحظته وشاركته معهنّ، وتستشفّ بذلك منظومة المفاهيم والقيم الخاصة بالثقافة البدويّة.

من الناحية الأخلاقيّة، تشير أبو لغد إلى اضطرارها أحياناً كثيرةً إلى عدم الإفصاح عن حقيقة حياتها، ومحيطها، وصداقاتها أمام نساء أسرة الحاج. وبينما شكّل هذا، بنظرها، تحدياً أخلاقيًا متعلّقاً بوجوب صدق الباحث الأنثروبولوجي مع الجماعة التي يشاركها تجاربها، إلّا أننا في النهاية نرى أنّ حجب بعض الجوانب المرتبطة بمسار حياتها وهويتها ساهمَ في شعور النساء بقواسمَ مشتركةٍ أكبر معها لما كانت لتظهر لو كشفت تماماً طبيعة معيشتها في أمريكا. في هذا السياق، تقول أبو لغد: “سمحَ لي العيش في عالمٍ اجتماعيٍّ محدّدٍ بنفس الحدود التي يعيشها أفراد المجتمع بفهمٍ أوسع لكيفية عمل العالم الاجتماعيّ وكيف يفهمه أعضاؤه”. [22]

تقرّ أبو لغد بأنّ عملها الإثنوغرافيّ وسط “أولاد علي” انطوى على عالمَيْن غير متكافئَيْن؛ بين العالم الذي عاشت فيه مع البدو وشاركتهم تجاربهم الاجتماعيّة، وبين العالم الذي تحدّرتْ منه وانتمت إليه؛ أي عالم الباحثين والأنثروبولوجيين. [23] لكنّ اللافت في تجربتها أنّ هذين العالمَيْن غير المتكافئَيْن لم يقوداها إلى فرض أجنداتها البحثيّة على المجتمع البدويّ، إنّما دفعتها هذه التجربة البحثيّة المختلفة إلى عقد علاقاتٍ مبنيّةٍ على الاحترام تجاه الثقافة البدويّة وأصحابها، وعدم الشعور بالفوقيّة إزاءها.

شغلتْ أبو لغد مواقعَ عدّةً أثناء معايشتها الإثنوغرافيّة لعائلة الحاج؛ إذ كانت ضيفةً وابنةً ومُلاحِظةً في آنٍ واحد. [24] بل أحيانًا تغلّب موقعها كابنةٍ على موقعها كباحثةٍ أنثروبولوجيّةٍ، حيث شاركتْ النساء أعباءَ الواجبات المنزليّة وتبنّت علاقات الأسرة الاجتماعيّة تجاه الأقارب والأصدقاء، ما تعذّر عليها أحياناً تدوينُ جميع ملاحظاتها اليوميّة الميدانيّة.

 ومن وحي تجربتها هذه، يظهر لنا سؤالٌ مهمٌ مفادُه كيف تتكوّن ارتباطاتٌ عميقةٌ بين الباحث الأنثروبولوجيّ والمجتمع الذي لا يتقاسم معه أساساً التاريخ أو منظومته القيميّة. ترى الباحثة أنّ الجواب يكمن في عدم إنتاج المعرفة حول المجتمع من داخل لعبة القوّة، بل من عيون أفراده ومنظورهم الثقافيّ. وتستعين بالباحثة الأنثروبولوجيّة “إليزابيث بوفينيلي” التي ترى أنّ العمل الميدانيّ يقود إلى شروط تفاهمٍ وجوديّةٍ مع فكرة أن تكون جزءاً من عوالمَ مختلفةٍ وغير متكافئةٍ. [25]

ففي حالة أبو لغد، لم تشعر الباحثة أو المجتمع البدويّ بأنّ الدراسة تُجرى من الخارج ومن فوق، كما يعتقد “بيير بورديو” بخصوص إنتاج المعرفة من خارج أفرادها “الأصليين”، مُعتقدةً بأنّه من خلال منهجيّة الملاحظة بالمشاركة، كانت تتوق لتصبح بدرجةٍ أو بأخرى “أصليّةً” كي تتمكّن من العيش وسط الجماعة التي تدرس حياتها وعلاقاتها. [26]

على ذلك الصعيد، يمكننا ملاحظة أنّ اختيار أبو لغد الخطابَ الشعريّ البدويّ كمادةٍ أساسيّةٍ لبحثها الإثنوغرافيّ فيما يتعلّق بالحياتين الاجتماعيّة والثقافيّة للمشاعر البدويّة، لم يكن مخطّطاً مسبقاً، بل ناتجٌ عن ملاحظتها حضورَ الشعر المركزيّ في ممارساتهم الاجتماعيّة المعلنة وغير المعلنة، جرّاء مشاركتها أسرةَ الحاج واجبَ التعزية بأحد الراحلين في القرية، وسماعها شعراً مُتعلّقاً بالفقد من إحدى السيدات التي حجبت هويّتها الحقيقّية، وغيرها من المواقف الناضحة بالشعر. [27]

نفهم من ذلك أنّ مجرى حياة البدو وأنماطهم الثقافيّة بألسنتهم أنفسهم، هما ما حدّدا توجّه البحث، ما ينفي أيّ اعتقادٍ بعلاقات قوى وهيمنةٍ سيّرت مسار بحثها. كما يؤكّد هذا ممارسة الباحثة انعكاسيّتها الدائمة في الحقل، ومرونتها في الاستجابة إلى أيّ مستجداتٍ وتعبيراتٍ اجتماعيّةٍ وثقافيّةٍ تظهر أثناء عملها البحثيّ. وعليه، فإنّ أبو لغد تقرّ أنّه في بداية معايشتها الإثنوغرافيّة، لم تكشف ذاتها على أسرة الحاجّ بوصفها مناصرةً لمجموعةٍ أصليّةٍ مقموعةٍ، إنّما كانت مفتونةً بأنثروبولوجيا الصحراء والعلاقات الاجتماعيّة المنسوجة فيها.

خاتمة: كيف يفيدنا هذا الكتاب مستقبلاً؟

قدّمتْ أبو لغد، في هذا الكتاب، نموذجاً مختلفاً لهويّة الباحث وعمله، فعوضاً عن انخراط الباحث في عمليّةٍ تقليديّةٍ تفصل بينه وبين المبحوث، أو تخضع لعلاقات قوىً غير متكافئةٍ بينهما تجعل من البحث تحقيقاً أكثر من كونه مشاركةً، فإنها تدعونا كباحثين مستقبليين إلى النظر إلى أنفسنا والمجتمعات والثقافات التي نسعى إلى دراستها كمشاركين في البحث نحمل هدفاً مشتركاً. [28] يتطلّب هذا من الباحث المُشارك استيعاب العوالم المختلفة عنه، وإبداء احترامه لها بالعمل وفقَ ثقافتها أثناء إجراء البحث، وتحييد ما يمكن أن يخلق المسافات بينه وبين المشاركين لصالح إشراكٍ أكبر ضمن المجموعة. تثبت لنا أبو لغد أنّ هذا المسار من شأنه أن يجعل الباحث عضواً رئيسيّاً في المجموعة، ما يمكّنه من فهم الثقافة بعدسةٍ صادقةٍ وعميقةٍ من داخلها.

كما يُعدّ هذا الكتاب نتاجَ ممارسة الباحثة للعمليّة الانعكاسيّة والتأمليّة النقديّة التي لم تنطوِ بالانتهاء من كتابته وصدوره، إنّما ظلّت تصاحبها بعد ثلاثين سنةً. شاركت أبو لغد قرّاءها بعد هذه السنوات أسئلةً أخلاقيّةً شغلتها حول النهم بإنتاج معرفةٍ حول المجتمعات البدويّة تصل إلى “الآخر”، دون أن تصل إليها بالدرجة الأولى. كما شاركتنا مخاوفها من توظيف الأجهزة القمعيّة بعضَ ما ذكرته في ترسيخ الوصمة السيئة لقبائل “أولاد علي”.

بالمقابل، نرى نشرها الكتاب ساهمَ في إرساء “نموذجٍ جديدٍ” في دراسة النساء العربيّات والمسلمات بعينٍ إثنوغرافيّةٍ صادقةٍ تعكس واقعهنّ المعيشيّ، على نحوٍ يبتعد عن التعميمات الأنثروبولوجيّة المهيمنة التي تربط تلقائياً بين الثقافات المختلفة عنها وقمع النساء وإذعانهنّ القسريّ للرجال. على هذا الأساس، يحمل التوصيف الكثيف، [29] بتعبير “كليفورد غيرتز”، للحياة البدويّة من قِبل أبو لغد، رسالةً سياسيّةً تتحدّى الثنائيات الخياليّة بين الشرق والغرب والذات والآخر، [30] والتي لطالما كرّستها الهيمنة الغربيّة في قراءتها لثقافات العالم بوصفها منتميةً حصراً إلى أحد الكيانين المتعارضين بسماتٍ متأصّلةٍ يحملانها ما بين القمع والتحرّر. وبجانب إثبات الكتاب أنّه ما من ثقافةٍ بدويةٍ موحّدةٍ ومتجانسةٍ، نلحظ تعزيزاً للهويات المهجّنة التي تسمّيها أبو لغد (Halfies) وتشعر بانتمائها إليها في عبورها الدائم ما بين عالمَيْن مختلفَيْن.

بالمجمل، يشكّل الكتاب في مزجه ما بين التفسيرات النظريّة للأيديولوجيا البدوية السائدة، والمقاطع الشعريّة التي تقدّم نموذجاً مختلفاً من المشاعر، فضلاً عن الأمثلة الإثنوغرافيّة واللقطات البصريّة التي تثير صورةً ملموسةً للحياة اليوميّة للبدو، إضافةً نوعيّةً على صعيد توظيف منهجيّاتٍ وأدواتٍ مختلفةٍ تساهم في إنتاج معرفةٍ حول المجتمع البدويّ تعكس عن قرب ما يعيشه أفراده. [31] كما في تقديم الكتاب طروحاتٍ غير سائدةٍ حول ما الذي يشكّل العالم الاجتماعي للبدو من جهة ارتباطه بقيمٍ ومشاعرَ متضاربةٍ ينتمي لها الرجال والنساء على حدٍّ سواء باختلاف السياق الاجتماعيّ ووظيفته، إشارةٌ إلى أهميّة فعل الكتابة في قضايا شائكةٍ لطالما جرى تنميطها باتجاه دراسة الهوية البدويّة كهويةٍ فلكلوريّةٍ أو قامعةٍ للنساء. ألهم هذا الكتاب مزيداً من الباحثين للخوض في البحث الإثنوغرافيّ في حياة وحقوق نساء العالمين العربيّ والإسلاميّ بشكلٍ متجاوزٍ لافتراضات التبعيّة والإخضاع. [32]

*****

الهوامش:

[1] Laila Abu-Lughod, Veiled Sentiments: Honor and Poetry In A Bedouin Society (California: University California Press, 2016), 10.
[2] Ibid, 33.
[3] Ibid, 33.
[4] Ibid, 205.
[5] Ibid, 28.
[6] Ibid, 34.

[7] Ibid, 240.
[8] Ibid, 240.
[9] Ibid, 239.
[10] Ibid, 234- 35.
[11] Ibid, 274.
[12] Ibid, 274.
[13] Ibid, 274.
[14] Ibid, 137.

[15] Abu-Lughod, Veiled Sentiments, 281.
[16] Ibid, 280.
[17] Ibid, 298.
[18] Ibid, 298.
[19] Ibid, 12- 3.
[20] Ibid, 22.
[21] Ibid, 23.
[22] Ibid, 22.
[23] Ibid, 279.
[24] Ibid, 15.
[25] Ibid, 277.
[26] Ibid, 277.
[27] Ibid, 277.
[28] Ibid, 19.
[29] كليفورد غيرتز، تأويل الثقافات، ترجمة محمد بدوي (بيروت: المنظمة العربية للترجمة، 2009)، 84.
[30] Laila Abu-Lughod, “Can There be a Feminist Ethnography?” Women and Performance: A Journal of Feminist Theory 5 (1990): 26-27.
[31] Emily Sotudeh, 2016, “Review: Veiled Sentiments: Honor and Poetry in a Bedouin Society,”  https://bit.ly/2yInKnJ (Accessed 3 May 2020).
[32] Paul Friedrich, “Reviewed Work: Veiled Sentiments: Honor and Poetry in a Bedouin Society by Lila Abu-Lughod,” Anthropological Quarterly 62 (1989): 43.