يكتب معنا

باب الواد - نسخة تجريبية

نود إعلامكم أن هذا الموقع حالياً في المرحلة التجريبية. نعمل على تحسينه وتطوير خدماته، وقد تطرأ بعض التغييرات خلال هذه الفترة. شكراً لتفهمكم ودعمكم.

كان يا مَكان (2): بيت حنينا
٢٠١٦/١٠/٠٩

كان يا مَكان (2): بيت حنينا

أُحيطت "هوّاية محاجر علي الدر" بالأسلاك الشائكة، ولا زالت منطقةً محظورةً على أهل البلاد إلى يومنا هذا. وقد توالت عليها البعثات العلمية كانت أهمها بعثة الجامعة العبرية الاستكشافيّة في العام ١٩٩٨، بالإضافة إلى العديد من رحلات  الاستغوار (استكشاف المُغر) من قبل هواة استكشاف المُغر من الصهاينة، ومن دوائر الجغرافيا والجيولوجيا في الجامعات الصهيونية. ومما يجدر ذكره، أنّ المغارة من ضمن المواقع المُرشحة لإعلانها "حديقةً قوميّة" صهيونية، وقد تمّ تأجيل هذا الإعلان عدة مرات "لأسباب أمنيّة" بحسب المصادر الصهيونية.

في الجزء الشمالي من أراضي بيت حنينا، وفي "وَعَر أبو هِرماس" تحديداً، الذي أصبح اليوم يشكل الجزء الجنوبي للمستعمرة الصناعية "عطروت"، تقع  محاجر وكسارة علي الدر. في يوم ما من أيام الخمسينيّات، وما أن سكن الغبار بعد تفجير البارود لتفتيت الصخور، انكشفت هوّة في الوعر، سمّاها أهل البلاد "هوّاية محاجر علي الدر". ويطلق اسم الهوّاية على الهوّة التي لا قرار لها، كأنّ ما يسقط فيها يَهوي فيها إلى ما لا نهاية، ومصطلح "الهوّاية" مألوف ومتداوَل بين عمال المحاجر وحفّاري أساسات المباني والآبار .

حول تلك الهوّة التي لا قرار لها تتالت الأحداث والحكايات؛ شاحنة "الدودج" الحمراء المحملة بالصخور التي سقطت فيها ولم يظهر لها أثر، وأكياس التبن المشتعلة التي كان يلقي بها عمال المحاجر في داخلها ولا يظهر أثر للدخان الكثيف، والقُلعان (الصخور الكبيرة التي تُقلع من الأرض ومفردها قَلعة) التي دحرجها عمّال المحاجر في داخلها وتتبعوا صوتها إلى أن يتلاشى بعد حين، وعن نهر يجري تحت الأرض ويسمع صوته منها. صمتت أصوات البارود في المحاجر بعد العام 1967 وصمتت بصمتها الحكايات.

بعد الاحتلال الصهيوني، اُستُخدمت المغارة مكبّاً للأتربة والصخور خلال تشييد مستعمرة عطروت الصناعيّة، حتى العام 1976، حين أرسل  الصهاينة البعثة العلمية الأولى إلى جوف "هوّاية محاجر علي الدر"، وقد صار اسمها "مغارة عطروت"، تكوّنت البعثة من 15 مُختصاً صهيونياً في الجيولوجيا والمياه الجوفية والمساحة، بالإضافة إلى فريق من "سلطة الحدائق القوميّة" ووحدة للإنقاذ.

وقد قامت البعثة بمسح المغارة وقياس أبعادها، ورسم خريطة تفصيلية لها، ليتمّ بعدها الإعلان عنها أكبر مغر فلسطين، إذ تبلغ مساحتها 20347 متراً مربعاً، ويبلغ عمقها 104 أمتار (أربعة أضعاف مساحة مغارة سوريك/ الشموع في وادي الصرار والبالغة مساحتها 4800 متر مربع، وبعمق 15 متراً).

أُحيطت "هوّاية محاجر علي الدر" بالأسلاك الشائكة، ولا زالت منطقةً محظورةً على أهل البلاد إلى يومنا هذا. وقد توالت عليها البعثات العلمية كانت أهمها بعثة الجامعة العبرية الاستكشافيّة في العام 1998، بالإضافة إلى العديد من رحلات  الاستغوار (استكشاف المُغر) من قبل هواة استكشاف المُغر من الصهاينة، ومن دوائر الجغرافيا والجيولوجيا في الجامعات الصهيونية. ومما يجدر ذكره، أنّ المغارة من ضمن المواقع المُرشحة لإعلانها "حديقةً قوميّة" صهيونية، وقد تمّ تأجيل هذا الإعلان عدة مرات "لأسباب أمنيّة" بحسب المصادر الصهيونية.

وبمناسبة الحديث عن استكشاف مغر فلسطين من قبل الصهاينة، تجدر الإشارة إلى وجود العديد من أندية الاستغوار الصهيونيّة التي تَنشط في فلسطين وخارجها. والاستغوار صهيونياً، بمثابة "رياضة قوميّة" وعِلم آثار شعبي. وعندهم مكانة خاصة لِما يسمّونها "مُغر الاختباء"، وهي المغر التي يقولون بأنّ "المقاتلين اليهود" قد جهزوها كأماكن للاختباء والاختفاء قبيل وأثناء ״التمرد اليهودي״ ضدّ الرومان، "فيحجّون" إليها مُستكشفين، ويروون الأساطير حولها، ويجتهدون في البحث الأكاديمي فيها وعنها.

وأما خارج فلسطين، فتتركز رحلاتهم الاستكشافيّة إلى مغر وكهوف الأردن، فيشدّون إليها الرحال بشكل دوريّ، ومن المُغر الأردنية "المحببة إليهم": كهف الظهر (زوبيا) وعراق الوهج (كفرنجة)، والحرّة البازلتيّة (وسط حَرّة الشام).


عن الكاتب
خالد عودة الله
كاتب
اقرأ للكاتب
شارك المقال على مواقع التواصل الاجتماعي
اقرأ/ي أيضًا
دقيقة قراءة • ٢٠٢٣/٠١/٢٨
مقدّمات استعمار القدس 1917.. لنعُد 100 عام إلى الوراء
مقصدنا الأساسيّ في هذا المقال أن نشتبك مع سؤالين: كيف ولماذا انضوت القدس في مشروع استعماريّ؟ (والتي بدورها تعبّر عن فلسطين أيضًا)، والإشارة إلى مشروع...
دقيقتين قراءة • ٢٠٢١/٠١/١١
الحكم الذاتي الفلسطيني في زمن انتفاضاتنا المنسيّة (1967-1982)
يقدّم فارس جقمان خلفية تاريخية لروابط القرى، ويرصد تطوّر مشاريع "الحكم الذاتي"، محاججاً أنّه كان للفعل الفلسطيني دورٌ أساسي في تحديد شكل وطرح تلك المش...
6 دقائق قراءة • ٢٠٢٠/١٢/٢٣
ملحمة الجبل: معارك جبل النبي صمويل في الحرب العالمية الأولى
"إلى شهداء الجبل ومقاتليه على مرّ الزمان"... مقالٌ بحثيّ عن ملحمة جبل النبي صمويل المنسيّة في الحرب العالمية الأولى، لخالد عودة الله. قراءة طيّبة "إلى...

من فلسطين وإليها
جميع الحقوق محفوظة، متوفر تحت رخصة المشاع الإبداعي .
اشترك في نشرتنا البريدية حتى تصلك التحديثات المتعلقة بمجلة الجنوب والجامعة الشعبية وموقع باب الواد.
اشتراك
يتوجب نسب المقال الى “باب الواد” أو “مجلة الجنوب” – كما يُحظر تعديل النصوص أو استخدامها لأغراض تجارية، ما لم يرد تصريح غير ذلك.